القاهرة | قررت الحكومة المصرية المضي قدماً في خطة تطوير «مثلث ماسبيرو»، وهي المنطقة التي تقع في قلب القاهرة في محيط مبنى الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو)، وتصل قيمة أراضيها إلى مليارات الجنيهات. وتعتزم الحكومة تنفيذ مشروعها لإزالة جميع المنازل العشوائية هناك، وبناء مجمعات سكنية وتجارية ضخمة في قلب القاهرة بتكلفة مبدئية تقترب من أربعة مليارات جنيه، وهو المبلغ الذي وضع لتطوير المنطقة من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل، وسط توقعات بأن تصل أسعار العقارات التي ستقام في المنطقة، المصنفة بأنها قلب القاهرة القديمة، إلى أرقام خيالية في سوق العقارات.
مخطط الحكومة لوضع اليد على المنطقة ليس وليد اللحظة، بل جاء بناء على خطة تحاول الحكومات المتعاقبة تنفيذها منذ نحو 13 عاماً، لكنها تخفق في اللحظات الأخيرة بسبب غياب تعويضات مناسبة للأهالي، علماً بأن سكان هذه المناطق رغم وجودهم وسط القاهرة، وعلى بعد مسافات قليلة جداً من مختلف الجهات الرسمية، يعيشون تحت خط الفقر في ظروف اقتصادية صعبة.
المنظر، الذي يراه نزلاء فنادق القاهرة الكبرى للعشوائيات المحيطة بالمنطقة، بات قاب قوسين أو أدنى من الاختفاء. ستزول العشوائيات مع آلاف المنازل التي تضمها، في خطوة ظاهرها الرغبة في التطوير، وباطنها الاستفادة من الأرض أقصى استفادة مالية ممكنة. وستطل شرفات الفنادق الكبرى، بعد سنوات غير بعيدة، على أبنية ضخمة ومناطق أكثر تنظيماً ستكون بمنزلة المركز التجاري لقلب القاهرة.
قبل سنوات من «ثورة يناير»، حاولت حكومات نظام حسني مبارك نقل الأهالي من تلك المناطق، لكن هذه المخططات باءت بالإخفاق تخوفاً من احتجاجات أمنية. وظل التعايش قائماً بين الأبراج الضخمة التي نشأت في سنوات قليلة، وبين سكان العشوائيات، فلا أحد يقترب من حدود الآخر. كذلك، ستكون الشوارع والأزقة القديمة الممتدة من منطقة ماسبيرو في كورنيش النيل، مروراً بحي بولاق أبو العلا ومنطقة وكالة البلح، التي تباع فيها الملابس المستخدمة بأسعار زهيدة للفقراء، ضمن مخطط التطوير الذي سيشهد إقامة أبنية ضخمة للسكن الفاخر.

يقطن في المنطقة أكثر من 20 ألف نسمة مخيّرون بين عدة حلول

وتضع الحكومة «تطوير المنطقة» في أولوياتها ضمن خطة «تطوير المناطق العشوائية»، لكن المنطقة بعد التطوير لن تكون شبيهة بحي الدويقة الذي تمت إعادة بناء أجزاء منه على شكل عمارات سكنية لا تتجاوز خمسة طوابق، وسكنتها الأسر الفقيرة التي عاشت في العشوائيات بالفعل لعقود طويلة. أما شكل «مثلث ماسبيرو»، فسيكون مختلفاً بعد انتهاء خطة التطوير التي ستكشف ملامحها في وقت لاحق.
ويقطن في المنطقة نحو 4500 أسرة تضم أكثر من 20 ألف نسمة، فيما تستقبل الحكومة رغبات الأهالي بالنسبة إلى الأنشطة غير السكنية أو السكنية للاختيار بين الحصول على تعويض مادي يعادل 30% من قيمة الأرض وفق الموقع، أو التعويض بوحدة إيجار في المنطقة بعد التطوير بشرط تغيير النشاط إلى تجاري فقط، أو التعويض بوحدة إيجار في مدينة بدر مع وحدة سكنية. أما البديل الأخير، فهو الحصول على إيجار تمليكي لوحدة سكنية داخل مشروع الأسمرات.
وتتوقع الحكومة استجابة غالبية الأهالي لاختيار أحد الحلول التي طرحتها قبل 20 نيسان الجاري، على أن يستغرق تنفيذ أعمال التطوير نحو ثلاث سنوات اعتباراً من بداية العام المقبل. وقال مصدر حكومي لـ«الأخبار»، إن غالبية اختيارات الأهالي جاءت لجهة الحصول على الأموال، وهو الحل الذي سيكلف الحكومة نحو 800 مليون جنيه، لكنها تسعى إلى تنفيذه حتى لا تقيد ببناء وحدات لاحقاً للأهالي. وأشار المصدر إلى أن من يرغب في الإقامة في المنطقة نفسها سيكون له هذا الحق بعد الانتهاء من التطوير، كما سيحصل على أوراق حكومية تؤكد ذلك، في وقت تُدرس فيه حلول أخرى كتوفير مساكن بديلة قريبة من الموقع خلال إعادة بناء الأرض.