لم يحتج الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تصريحاً خاصاً لدخول الولايات المتحدة الأميركية. فبلاده ليست ضمن قائمة الدول الست التي يُحرَم مواطنوها الحج إلى «مكة الغرب»، إضافة إلى كونه معروفاً كصديق للرئيس دونالد ترامب. هكذا رأى معلق الشؤون العربية في صحيفة «هآرتس»، تسافي برئيل، زيارة السيسي، التي بدأت رسمياً أول من أمس لواشنطن، قبل أن يشدد على أنها «مهمة جداً لكونه زعيماً قادماً من الشرق الأوسط، إضافة إلى أنها الأولى من نوعها».
برئيل رأى أنَّ مكانة السيسي «تزعزت» على المستوى الدولي في خلال السنتين الماضيتين، وأنه برغم زيارته لبتّ قضايا سياسية، ولمحاولة تحسين مركز القاهرة، «عرف أن صداقته المتينة مع ترامب من شأنها اختصار حسم الصراع داخل الأجهزة السياسية المتنازعة في بلده، لمصلحته».
وفي رأيه، بدأ الخلاف بين مصر والولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، الذي «تعامل بشك مع الرئيسين السابقين، جورج بوش الابن، وباراك أوباما»، على أنهما «جاهلان غير عارفين بالشرق الأوسط جيداً، ويفتقران إلى المهارة والحكمة المطلوبتين لإدارة صراعات المنطقة»، ولذلك نبذ مبارك واشنطن لمدة خمس سنوات، رغم «تودد» الأخيرة.
كذلك، لم يدعُ أوباما السيسي إلى زيارة بلاده، كذلك استغرقت الولايات المتحدة عاماً كاملاً لتعترف بشرعية حكم الأخير، الذي أطاح جماعة «الإخوان المسلمون». وبرغم أن نتائج الانتخابات المصرية، التي فيها فاز السيسي، «هوّنت» على أميركا تقبّل حكمه، فقد استمرت الصعوبات، إذ رأت مصر وإسرائيل أنَّ أوباما هو «الابن غير الشرعي» لتقدم مكانة إيران، وأنه صديق لـ«الإخوان»، إضافة إلى كونه زعيماً «منافقاً» يتحدث عن محاربة تنظيم «داعش»، وإسقاط نظام بشار الأسد، وتقديم مسار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكنه في الحقيقة لم يفعل أيّاً من ذلك كله.
ثم جاء ترامب... «ربّت الأخير كتفَ السيسي، (الرجل الرائع) كما وصفه»، وذلك بعد لقائهما الأول في نيويورك في أيلول الماضي، يقول برئيل، لافتاً إلى أن ذلك «كان علامة فارقة لبداية جديدة في العلاقات». وأضاف: «فيما فضلت هيلاري كلينتون مخاطبة السيسي في حقوق الإنسان، دخل منافسها ــ الرئيس الحالي ــ إلى صلب المسائل التي تعني السيسي، فكان الأخير أول زعيم يبارك لترامب فوزه». أمّا الليبراليون وناشطو حقوق الإنسان في مصر، الذين يقبع غالبهم في الزنازين، أو تحت الملاحقات، فأدركوا وفق المعلق الإسرائيلي، أن «ما من شيء جيد قد ينتج لمصلحتهم من الصداقة الحميمة مع أميركا ترامب».
في المقابل، كان للسيسي ثلاثة طموحات مركزية يريد تحقيقها بعلاقته بالولايات المتحدة، هي: «زيادة الدعم المالي السنوي، وزيادة الدعم العسكري للجيش المصري في معركته ضد الإرهاب، وتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية».
يتابع برئيل: «لترامب أيضاً طموحاته، فهو يسعى إلى أن تكون مصر ذات دور فعال أكثر على صعيد مسار السلام... ويريد أيضاً أن يطمئن إلى أنَّ القاهرة لن تحيد شرقاً باتجاه خط موسكو وطهران». وبذلك، إن «اللقاء في واشنطن ليس زيارة مهمة على مستوى دولي فقط، بل هو من نوع الزيارات التي يغمس فيها الرئيسان الصديقان بسكويتاً جافاً في كوب شاي فاخر». فالسيسي يأتي إلى واشنطن بعد قمة عربية، حضرها مبعوث ترامب الخاص إلى المنطقة، جيسون غرينبلات، بصفة «مراقب على المجريات»، كذلك بعدما حادث ترامب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، والملك الأردني عبد الله الثاني، وملك السعودية، سلمان.
إذاً، هو يدخل البيت الأبيض «رئيساً ومستشاراً رفيع المستوى»، و«لا يطلب منه ترامب فقط إمطاره بالنصائح وبالتقديرات، بل أيضاً بوجهات نظره واقتراحاته لمبادرات ممكنة لدفع الصفقة التاريخية بين الإسرائيليين والفلسطينيين». لكن، هل الدول العربية، خاصة مصر والسعودية، على استعداد لتصميم اتفاق جديد يتضمن جزءاً من المستوطنات كقسم من «دولة» إسرائيل، وصيغة متفقاً عليها للقدس؟ وماذا يمكن أن يكون دور مصر في حل أزمة غزة؟ هذه بعض الأسئلة الساخنة التي تضمنها لقاء السيسي ــ ترامب، وفق برئيل.
وأضاف المعلق الإسرائيلي: «مسؤولون في الولايات المتحدة حوّلوا مسبقاً مسوَّدة الاجتماع للقاهرة، ومعها قائمة تتضمن أسماء الرؤساء الذين سيحضرون (في الاجتماع أو القمة الإقليمية المرتقبة)، «طالبين من السيسي الحضور... مع اقتراحات علمية»، مثل هل هو «مستعد لعقد قمة مشتركة مع نتنياهو... بمشاركة نتنياهو، وعباس، وعبد الله الثاني».
يخلص برئيل قائلاً: «إذا استطاع ترامب تطبيق صيغته الذهبية على قاعدة كل من تمنحه الولايات المتحدة دعماً مالياً عليه أن يدفع مقابله في السياسة، فمن المتوقع بعد هذا اللقاء أن يمارس السيسي ضغوطاً على أبو مازن». ويضيف: «الواضح حتى اللحظة أنَّ ترامب هجر فكرة إسقاط الأسد، وترك الحرب في اليمن لتدبير السعودية، وغيّب المشهد الليبي الهائج... (لذلك) سيحظى الصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني بالاهتمام، لأنه الورقة الأهم بالنسبة إلى ترامب».

يريد ترامب دوراً مصرياً أكبر في مسار التسوية



وبينما اكتفت صحيفتا «يديعوت أحرونوت» و«معاريف» الإسرائيليتين، بما نقلته الصحافة عن ديبلوماسيين أميركيين حول «أفكار» بشأن عقد «مؤتمر حول عملية السلام» تجهز له الولايات المتحدة وتشارك فيه مصر في الصيف المقبل، بعث موقع «واللا»، بموفد خاص إلى واشنطن لنقل مجريات الزيارة.
وكتب موفد الموقع، عمري نحمياس، أنه «بالنسبة إلى التعاون العسكري بين الولايات المتحدة ومصر، ناقش ترامب والسيسي تجديد المناورات السنوية المشتركة التي تجري تحت اسم النجم الساطع، وكانت قد توقفت منذ إطاحة الرئيس السابق محمد مرسي».
وأضاف نحمياس، نقلاً عن باحث العلوم السياسية في معهد «FDD»، أورن كسلير، قوله: «إنّ من يتابع المجريات سيعرف أن اللقاءات بين الزعماء العرب وترامب، من بينها زيارة أبو مازن المرتقبة، التي يجري ترتيبها عن قصد». وأضاف كسلير: «هناك طبخة تُعدّها واشنطن والقاهرة»، مع ذلك، «هناك شك في تحققها، لأن مبادرة السيسي تتضمن توقفاً كاملاً للبناء خارج الخط الأخضر، ومن ضمنها شرق القدس، وهذه نقطة لن تتنازل عنها تل أبيب».
وأشار كسلير إلى أن ترامب على خلاف أوباما «الذي صوّر نفسه داعماً للديموقراطيات، وهذا ما يفسر تعاون ترامب مع قادة عسكريين كالسيسي والملك عبد الله»، كما «يحاول بتقربه منهما اختصار إنجازين مهمين: الأول محاربة داعش، والثاني الدفع بالسلام».






ويلتقي عبد الله... في واشنطن

التقى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أمس، بالملك الأردني، عبد الله الثاني، في واشنطن، وذلك على هامش زيارتهما الرسمية إلى الولايات المتحدة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، علاء يوسف، في بيان، إنّ «اللقاء شهد تبادلاً للرؤى حول مختلف التطورات على الساحة الإقليمية، وجهود دفع عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي». وأضاف يوسف أن الجانبين اتفقا «على مواصلة تنسيق المواقف بين البلدين بصورة مكثفة».
ومن المقرر أن يجتمع عبد الله مع ترامب اليوم، فيما قال الديوان الملكي الأردني في بيان، إن الملك بحث مع السيسي «المساعي والتحركات إقليمياً ودولياً لإعادة إطلاق مفاوضات جادة وفعالة بين الفلسطينيين والإسرائيليين».
(الأخبار)