في تسعينيات القرن الماضي، اشتهرت عارضة الأزياء الأميركية، ساندي كراوفرد، بشامةٍ على وجهها. كانت تلك علامتها الفارقة، التي تميّزت بجمالية خاصة.
كثيرون تجذبهم تلك الشامات، وتحديداً تلك التي «تزين» الوجه، غير أنه يفوت هؤلاء أن ليس كل الشامات هي دليل جمال، فقد تكون مؤشّراً، في بعض الأحيان، إلى إصابة صاحبها بمرض سرطان الجلد، أو ما يطلق عليه، طبياً «الميلانوما».
لكن، قبل دخول خفايا هذا المرض، تجدر الإشارة إلى أن الشامة، هي، في أصل تكوينها، نوع من «الأورام الحميدة»، وتنشأ في العادة نتيجة تكثّف مادة الميلانين التي تعطي البشرة لونها في منطقة معيّنة، ما يجعل لون هذا الجزء من الجلد أسود أو بنياً.
لكن، هذه الكتلة اللونية قد تتحول، في لحظةٍ ما، إلى نوعٍ من أنواع سرطان الجلد. وهنا، يجب على أصحاب الشامات مراقبة تفاصيل «بذرة الحسن» في وجوههم. أما كيف؟ يجيب الأطباء بأنّ البداية تكون «بالنظر جيداً في المرآة ومراقبة ما إذا كانت هذه الكتلة تشهد أي تحوّلات أو تغيّرات في شكلها. هكذا، يسبق «التشخيص الذاتي» التشخيص الطبي الذي من المفترض أن يؤكد الشكوك من عدمها.
وقبل الخوض في التشخيصات الطبية، يفيد التركيز هنا على شقّ التشخيص الذاتي لأهميّته في هذا النوع من المرض. ويمكن هنا التقيّد بعددٍ من «المؤشرات» المتعلقة بكيفية المراقبة. وفي هذا الإطار، عمّم «المعهد الوطني للسرطان»، قبل فترة، عدداً من المؤشرات، يستطيع من خلالها أصحاب الشامات تمييز الأخيرة ما بين «الحسن والسيئ». وقد قسم المعهد الشامات إلى خمس:
ـ الشامة الطبيعية، وهي التي يكون شكلها أقرب إلى الدائرة. إن كان هناك تباين بين شطرَي هذه الدائرة، أو إن كانت متمددة من جهة أكثر من الجهة الأخرى، فهذا أمر يستدعي القلق.
ـ الشامة العادية، وهي التي يكون محيطها واضحاً ومتناسقاً وغير متعرّج بشكل كبير. أما الشامة التي قد تتطور إلى سرطان، فيكون محيطها متعرجاً بشكل عشوائي، وأحياناً تبدو أطرافها أشبه بقطعة من قماش الدانتيل، أو كأنك مررت عليها ممحاة.
ـ لون الشامة الطبيعية يكون متناسقاً، وهي في الغالب بنية. أمّا الشامة المريضة فتتخللها ألوان عدة. إذ يمكن أن يكون جزءٌ منها بني اللون، في حين يصطبغ موضع آخر باللون الوردي أو البني المصفرّ.
ـ الشامة الطبيعية يكون اتساعها وحجمها صغيراً نسبياً. أما عندما تزيد تلك المقاسات على 6 ميلليمترات، فثمة مؤشر «غير سار» لإمكانية تحولها إلى أحد أنواع سرطان الجلد. أما السبب، فلأن الشامة الحميدة تحتفظ بحجم ثابت. أمّا الشامة التي يحتمل أن تكون خبيثة فتكبر وتتوسّع.
هذا في ما يتعلق بالتشخيص الذاتي الذي لا تعوزه سوى «المرآة» على ما يقول الأطباء. أما بالنسبة إلى التشخيص الطبي لـ«الميلانوما»، فيحتاج الأمر إلى إجراء مجموعة من الفحوص عن طريق جهازٍ يطلقون عليه، طبياً، «الديرماتوسكوب»، وهو الجهاز الذي يحتوي على عدسة مكبّرة، تعمل على تكبير شكل الشامة 10 مرات. من خلال تلك «المكبّرة»، يستطيع طبيب الأمراض الجلدية تقدير ما إذا كانت تلك الشامة عادية أو ذات خصائص مشبوهة، استناداً إلى شكلها ومبناها. من هنا، تبرز أهمية التشخيص المبكر، ولذلك أسباب كثيرة، يأتي في مقدّمها أن «الميلانوما» نوع من أنواع السرطانات الخطيرة جداً، والتي لا علاج لها إلى الآن. فكلما كان الكشف مبكراً، كانت الإمكانية بالنجاة أكبر. وكلما تأخّر توقيت الكشف، يكون كل شيء قد انتهى، وانتشرت الميلانوما في مختلف أنحاء الجسد.

* للمشاركة في صفحة «صحة» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]