ضمن «مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر ـــ بايبود» المستمرّ في «سيتيرن بيروت» (مار مخايل ـــــ بيروت) حتى 29 نيسان (أبريل)، كرّمت «مقامات للرقص المعاصر»، الفنان عبد الحليم كركلا، وقدّمت له درع «إنجازات مدى الحياة» لعام 2017. جاء ذلك ضمن احتفال أقيم قبل أيام في «متحف سرسق» حضرته فعاليات سياسية ورسمية أبرزها رئيس الحكومة سعد الحريري، ووزير الثقافة غطاس خوري، والوزير السابق طارق متري، وعميد السلك القنصلي جوزيف حبيس، ومؤسس فرقة «مقامات» وBIPOD الفنان عمر راجح ومديرة المهرجان ميا حبيس.
قدم الاحتفال الإعلامي يزبك وهبي، تلته كلمة راجح الذي قال: «عندما كان شاباً، وقف عبد الحليم كركلا أمام رياضته المفضلة وهي القفز بالزانة. لا أعلم إذا كان يدري، ذاك الفتى في حينه، عندما ركض وغرز الزانة في الأرض وقفز أنه سيلامسُ الأفق وسيبقى مندفعاً ليكونَ هذا المعلمُ الحاضرُ بيننا اليوم. ولا أتصور أن أحداً كان يعي أن عبد الحليم كركلا سيسحبُنا جميعاً معه. سيسحب بعلبك وقلعتَها، بيروتَ وناسَها، ولبنان بجباله ووديانه. سيأخذنا فوق حصانه وتحت عباءته لنلامس الأفق معه ونقفز فوق الموت والحياة والغيم والشجر. ندين لعبد الحليم كركلا بإدخال الرقص إلى عالمنا العربي وترسيخه وتطويره وتأسيس حاله فنية ثقافية لم نشهد مثيلاً لها. ندين له بزرع الإنسان فينا بقيمه وثقافته وإبداعه. «مقامات للرقص المعاصر» و«مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر» في دورته الثالثة عشرة، أطلقا عربون شكر وتقدير لإنجازات مدى الحياة، لأننا نؤمن بهذا الوطن وناسه وننظر إلى مستقبل أفضل في ترسيخ الماضي وتطويره.

توقف طلال حيدر عند الإرث الحضاري والثقافي الذي استطاع أن يوصله كركلا إلى العالم


وعندما ننظر حولَنا نكتشف ونعي أننا لا نملك الكثير من الخيارات، فنحن محكومون بإنسانيتنا، ومثلنا وانفتاحنا وثقافتنا. محكومون بالمبادرة والإصرار والابتكار. لذلك أطلقت «مقامات» أضخم مشروع لها منذ ٢٠٠٢ وبادرنا وغامرنا في بناء «سيتيرن بيروت». ليكون في بيروت ولبيروت، مسرح فريد من نوعه، ليكون فضاءنا وعالمنا وبيتنا، ليعكس أفكارَ هذه المدينة وناسَها، ليصرخ أحلامَهم وتطلعاتِهم. مكاناً للبحث والفن، مكاناً للقاء والعمل، لتكريس أسس حياة ومنطق تفكير متجدّد ومتجذر، ليس في العصبيات والقوقعة والقوميات بل بالانفتاح والتلاقي والتواصل والابتكار. «سيتيرن بيروت» خزان حياتِنا في هذه المدينة، بجمالِها ومرارتها، بلطفها وقسوتها‪،‬ بحنانها وانكساراتها‪،‬ التي لا تنتهي. «سيتيرن بيروت» خزان طموحِنا ورؤيتِنا وخيالِنا. فضاءٌ للإبداع والفن والتجريب. فضاء حي، يعيش ويتنفس، يبادر ينتج يعمل و«يتحرك». فلنجعله ممكناً. ولنطمح مثل عبد الحليم كركلا في القفز بعيداً والتطوير المستمر ونستلهم ونتمثل برموز كبيرة طورت وبنت، وأسست مداميك راسخة ومتجذرة في عالمنا الثقافي والاجتماعي والسياسي».
من جهته، قال عبد الحليم كركلا: «لقد عِشتُ مسيرتي متخطّياً الصّعابِ. مسيرةٌ حاولتْ أن أقدّم بها أرقى ما يكون من إبداعٍ مسرحيٍّ إلى العالم في سبيلِ إبرازِ وجهِ لبنانَ الحضاريِّ والثقافةِ العربيةِ. ولكي نتمكنَ من خلقِ حركةٍ فنيةٍ ومعنى جديدٍ للحياةِ، لا بدَ من السعي الدائمِ داخلَ النفسِ للوصولِ إلى آفاقٍ إبداعيّة.
فالسباقُ الحضاريُّ تواصلٌ دائم، يتطلّبُ الربطَ بينَ التمرّدِ الحياتيِّ والتمردِ الإبداعيِّ، لخلقِ لغةِ رقصٍ تكونُ جسراً للحاق بحركةِ الزمنِ». وختم: «مهرجان BIPOD حُلُمٌ مقرونٌ بالمغامرةِ، مع هذه الكوكبةِ من الفنانينَ، بأحاسيسهِم ورؤاهُم المختلفةِ بحثاً عن الأجملِ لخلقِ الدهشةِ بتعابيرَ جسديةٍ لا حدودَ لها بلغةِ الرقصِ المعاصرِ».
بعدها، عُرض تقرير مصوّر استعرض مسيرة مسرح كركلا وجولاته العالمية، تلته كلمة ألقاها الشاعر الكبير طلال حيدر شدد فيها على «الإرث الحضاري والثقافي والإبداع الفني الراقص الذي استطاع أن يوصله مسرح كركلا إلى العالم».