دمشق | منذ 2000، يعمل اللبناني شادي الهبر (الصورة) في المسرح. وفي سنة 2016، حوّل بيته إلى مسرح وأسمى محترفه هذا «مسرح شغل بيت» لتصبح كل حياته مرتبطة بأبي الفنون. في شباط (فبراير) من هذا العام، عرض مسرحية «نرسيس»، وتفرّغ بعدها لتعليم المسرح لمجموعة من الطلاب الذين يخضعون لتدريباته على مدار زمني يراوح بين 6 و9 أشهر، على أن يتخرّج الطلاب بعدها ليصنعوا بأنفسهم عرضاً مسرحياً احترافياً.
إلى جانب ما سبق، لا يتوقف الهبر عن العمل مع جمعيات المجتمع المدني مثل جمعية «كفى» و«مؤسسة الرؤيا العالمية». أخيراً، استقدم الهبر إلى دمشق من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا (UNDP) الذي يبدأ بتنفيذ ورشة عمل لتنمية القدرات، وتدريب المنظمات غير الحكومية. وضمن هذه الورشة، أطلق مشروع «دراما من أجل السلام»، بالتعاون مع شركتي venture وkdc (شركة تنمية المعرفة في لبنان).
حسب ما قال الهبر لـ «الأخبار»، يهدف المشروع إلى استعمال المسرح لنقل ثقافة السلام. وقد سبق أن أقيمت ورشتان، الأولى (بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل) كان قوامها حوالي 25 شاباً من المتطوعين والعاملين في منظمات وجمعيات المجتمع المدني. وأنهى المخرج المسرحي اللبناني يوم الإثنين الماضي الدورة الثانية في أحد فنادق دمشق، بمشاركة 30 شاباً وشابة، اختيروا من ضمن 540 متقدّم، وهم من العاملين في جميعات ومنظمات إنسانية ومن هواة الفن.
نسأل عن مدة الدورة التي يخضع لها هؤلاء وعما يتعلمونه وعما تريده بالضبط الجهة الراعية للمشروع؟ فيجيب الهبر بالقول: «مدّة الدورة أربعة أيام». نقاطعه ألا يذكّرك ذلك بكتيبات تعلّم اللغة الإنكليزية في 5 أيّام؟ فيرد: « لا نصنع هنا ممثلاً ولا نلخّص التمثيل بأربعة أيام. كل ما نفعله هو محاولة الوصول إلى آلية تساعد المشترك في تطويع الدراما ضمن المجتمع لنشر ثقافة السلام. نحاول من خلال شخصية المدرّب المسرحي إعطاء مهارات وتقنيات محدودة سيتمكّن من خلالها تخفيف التوتر والضغط ، وامتلاك مفاتيح الراحة، ولو بحدها الأدنى، ليتمكّن من نشر ثقافة السلام فعلاً. وبالتالي، يؤثر عبرها كل مشترك ضمن مجتمعه ومحطيه من الممكن أن يناضل ضد العنف، أو ضد الحرب، أو من أجل التعايش السلمي المشترك».
نسأل عن المغامرة في زيارة مدينة ترزح تحت نير الحرب؟ فيقول الهبر إنّه بالفعل شعر بالخوف في المرّة الأولى التي أراد فيها زيارة دمشق، وكان ذلك قبل بضعة أشهر، لكن التحدي داخل نفسه جعله يطرد التردّد، ويأتي ليقيم هذه الورشات. وسرعان ما تبدّد الخوف عندما وطأت قدمه أرض الشام ولمس مجريات الحياة الطبيعية التي تتفوّق على معطيات الحرب وتهزمها. وهو ما جعله يفكّر جدياً بتقديم عرضه «نرسيس» على مسارح دمشق في حال هيأت له الظروف بذلك.