أول من أمس، استمعت لجنة من أساتذة كلية الإعلام والتوثيق ــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية إلى إفادة 9 من أصل 14 طالباً وطالبة أطلقوا أخيراً حملة على مواقع التواصل الاجتماعي حملت هاشتاغ #كلية_الإعدام، اعتراضاً على حرمانهم من تقديم الامتحانات النهائية على خلفية تغيّبهم عن حضور المقررات.
القرار هبط كالصاعقة على عشرات الطلاب المتضررين، الذين رأوا أنه أتاهم على حين غفلة، ربما لأنهم لم يكونوا مؤمنين بأن الكلية ستطبّق فعلاً نظاماً قائماً رغم معرفتهم بوجوده، وهو يلزمهم الحضور بنسبة 70% تحت طائلة حرمانهم من تقديم الدورتين الأولى والثانية للامتحانات في المادة التي تغيّبوا فيها ومن الأعمال التطبيقية.
الطلاب المعترضون اتخذوا من الحملة فرصة لانتقاد أداء عدد من الموظفين والأساتذة وتقصيرهم، كقولهم إنّ بعض الأساتذة لا يحضرون 70% من المقررات وآخرون يتحرشون بالطلاب، ومنهم من ليس له علاقة بالمقرر الذي يعطيه، إذ يقرأه على الطلاب فقط، ومنهم من يتعمّد ترسيب الطلاب لكي يتقاضى بدلات التصحيح في الدورة الثانية. بعض المنشورات حملت عبارات أخرى مسيئة أيضاً إلى الكلية وكادرها التعليمي والإداري واستفزّت عدداً من أفراد الهيئة التعليمية والموظفين في الكلية الذين طلبوا، بحسب مصادر إدارية، من مدير الفرع الأول رامي نجم التدخل لوقف الحملة ومفاعيلها.
شكّل نجم لجنة مؤلفة من أربعة أساتذة طلبت من 14 طالباً وطالبة المثول أمامها، فتغيّب 4 منهم، فيما تبيّن أن إحدى اللواتي جرى استدعاؤهن لم تعد طالبة في الكلية. سألت اللجنة 9 طلاب عن الاستاذ أو الموظف المقصود في كل منشور، ونبّهت الطلاب الى أن ما قاموا به ينطوي على قدح وذم.

نفت لجنة التحقيق أن تكون في حوزة الطلاب شكاوى جدية


الطلاب المستجوبون قالوا لـ"الأخبار" إنّ سياق التحقيق أوصلهم جميعاً الى "الاعتذار" عمّا فعلوه، بعدما وجّه إليهم سيل من الإرشادات بشأن كيفية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي.
في المقابل، أكدت مصادر الأساتذة أن ما حصل لم يكن تحقيقاً أو استجواباً، بل جلسة مصارحة لمعرفة المعطيات التي دفعت الطلاب إلى تنظيم مثل هذه الحملة وإمكانية معالجة الأسباب بالقنوات الأكاديمية، وتبيّن للجنة أنه لم يكن في حوزة هؤلاء شكاوى جدية، بدليل إجابتهم التي اقتصرت على القول: «ما بعرف، هيك قالوا لي». وأوضحت المصادر أنّ هذا النظام يطبق للمرة الثانية وليس للمرة الأولى، لكن ربما العدد الكبير هو الذي أحدث الضجة، ومع ذلك فالرقم الذي انتشر في الفضاء الافتراضي ليس دقيقاً، إذ ليس هناك 420 طالباً محروماً، بل 420 مقرراً، لأنّ الطالب الواحد قد يكون محروماً من أكثر من مادة. وقالت المصادر إنه جرى لفت نظر الطلاب إلى أهمية التأكد من مصادر معلوماتهم، وأن يكونوا مقتنعين بها فعلاً. وسئلوا عمّا إذا فكروا فعلاً بالشهادة التي سيحصلون عليها من الكلية التي أساؤوا إليها.
يقول رئيس مجلس فرع الطلاب علي عمر في اتصال مع "الأخبار" إنّ الحملة حققت هدفها بدفع إدارة الكلية إلى خفض نسبة الحضور الاجبارية من 70 الى 40% وبات هناك 120 طالباً محروماً بدلاً من 420. وعن التحقيق مع الطلاب يقول عمر إنّ بعض المنشورات "خرجت عن المألوف" ما استدعى تدخلاً طبيعياً من الادارة.
ينفي مدير الفرع أن تكون إدارة الكلية قد خفضت النسبة الى 40%، موضحاً أن النسبة لا تزال نفسها، مشيراً إلى أن عدد المحرومين لا يزيد على 60 طالباً. يؤكد نجم أن دعم الكلية لـ"حرية الرأي والتعبير" لا يعني السماح بتشويه سمعتها والتطاول على أساتذتها وإدارييها، كنشر شتائم واتهامات من دون دليل. ورأى نجم في استجواب الطلاب فرصة للاستماع الى شكاويهم من ناحية، ومن ناحية أخرى تنبيههم إلى خطورة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بهذه الطريقة المسيئة، «ففي النهاية نريد مصلحة الكلية التي سيحمل هؤلاء الطلاب شهادتها واسمها بعد تخرّجهم".
اللجنة المكلفة بالتحقيق سترفع تقريرها إلى مجلس الكلية وعميدها جورج صدقة، الذي قال لـ"الأخبار" "إننا نسعى لتخريج إعلاميين جريئين، لا يوجّهون اتهامات من دون مستند، معرباً عن استعداده ومديري الفروع لمتابعة أي شكوى جدية تصل اليهم في أيّ موضوع".