طهران | يتوجّه الإيرانيون اليوم إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، بعد ثلاثة أسابيع من الدعاية والحملات الانتخابية بلغت فيها الحساسية بين المرشّحين والناخبين حدّاً غير مسبوق. وبعد انحسار السباق الحقيقي بين مرشحَين رئيسيين، وصلت هذه الحساسية إلى ذروتها، وسط التجاذبات التي استمرّت بين ناخبيهما في غالبية المدن الإيرانية.
كلّ ما تقدّم تمخّض كنتيجة مباشرة للمناظرات التي لعبت دور ساحة المعركة وتبادل الاتهامات والانتقادات اللاذعة. ومن ضمنها كانت الثالثة والأخيرة الأكثر حدّة، خصوصاً أنها تمحورت حول المشاكل الاقتصادية. وفيما تمتّعت بشفافية بالغة، فقد كانت المعركة في خلالها بين المرشحين المحافظين السيد إبراهيم رئيسي ومحمد باقر قالیباف ومصطفى ميرسليم من جهة، والرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني ونائبه الأول إسحاق جهانغيري من جهة أخرى.

جرت المواجهة بين خطابين الأول شعبوي والثاني نخبوي

قاليباف الذي تبنّى من المناظرة الأولى تكتيكاً هجومياً على الحكومة ورئيسها ونائبه، وجّه انتقادات لاذعة جداً، في خلال المناظرة الثالثة، بخصوص عدم اهتمام الحكومة بحلّ مشاكل الفقراء والشرائح الأقل دخلاً، واتهم روحاني وجهانغيري بشراء عقارات ومنازل في مناطق راقية في العاصمة، وبأسعار بخسة بالاعتماد على المحسوبية والالتفاف على القوانين. الشارع كان يواكب هذه المناظرة، وبالتزامن معها نشر أنصار التيار المحافظ على المواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي، «وثائق تثبت الاتهامات».
المناخ السائد على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع من الدعاية الانتخابية، أوحى بأن المواجهة حصلت بين خطابين: الخطاب الأول الذي انتهجه كل من قاليباف ورئيسي، ووُصف بالـ«شعبوي المنحاز إلى عامة الشعب، خصوصاً الشرائح الفقيرة ذات الدخل المحدود». أما الخطاب الثاني، فقد وُصف بالـ«نخبوي، وتبنّته الحكومة برئاسة روحاني ونائبه جهانغيري».
يرى المراقبون أن خطاب رئيسي وقاليباف اقترب أكثر إلى تطلعات الشرائح ذات الدخل المحدود والفقراء، ذلك أن رئيسي أكد مراراً، في خلال حملته الانتخابية، أنه يمكن زيادة الدعم الحكومي للذين هم تحت خط الفقر ثلاثة أضعاف، ليكونوا قادرين على مواصلة الحياة في ظل تفشّي ظاهرة البطالة، ويمكن توفير نحو مليون فرصة عمل، في خلال كل سنة، نظراً إلى إمكانات البلاد.
في المقابل، اتهم روحاني وجهانغيري سادن العتبة الرضوية بأنه سيتبنّى أسلوب التشدد في الحكم على الناس لو انتخب رئيساً، وسيفسد العلاقات بين إيران ودول العالم. إضافة إلى ذلك، أشار روحاني في خلال المناظرة الثانية، إلى أن المرشح رئيسي يفتقر إلى سياسة خارجية حكيمة، تكون قادرة على حفظ كرامة الشعب الإيراني وعزّة البلاد، بالاستناد إلى العلاقات الدولية.
في المحصلة، يمكن القول إن خطاب المرشح رئيسي استهدف هؤلاء الذين يعيشون خارج المدن الكبرى والعاصمة طهران، والذي يعانون من مشاكل اقتصادية جدية. أما خطاب روحاني، فقد استهدف شريحة الشباب والطلبة، الذين يعيش معظمهم في العاصمة وفي المدن الكبرى، ومراكز المحافظات، وهناك يتمتع هؤلاء بالدخل المناسب.
ووفق رأي الخبراء، فقد كان العامل الأكثر تأثيراً بأصوات الناخبين الإيرانيين واصطفافهم، في خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، هو التطرّق إلى المواضيع الاقتصادية ومشكلة تفشي البطالة، وهو ما يمكن أن يعدّ عامل جذب إلى رئيسي كوجه انتخابي جديد، من قبل بعض الشرائع التي تعرف بصاحبة «الأصوات الرمادية»، فيما يمكن أن يلقى خطاب روحاني صدىً لدى فئة الشباب المنتمية إلى هذه الشريحة.