بعد معرضين متتالين بين دمشق وبيروت (2015/2016)، يعود بطرس المعرّي إلى دمشق مرّة أخرى بالعنوان نفسه «دكانة أبو ما تيس». لا يخرج التشكيلي السوري المقيم في هامبورغ عن أسلوبيته في الرسم لجهة المزج بين الكاريكاتور والكوميكس في اصطياد موضوعاته من مناخات دمشق التي يعرفها وآثار الندوب التي تركتها الحرب على أرواح بشرها،
من موقع الحنين في المقام الأول. هنا يعزّز المفردات الدمشقية بعمق أكبر كنوع من التحريض على العيش باستحضار ذاكرة جمعيّة تشكّل مصدّاً متيناً في مواجهة هشاشة اللحظة الراهنة وسلوكياتها الطارئة. هكذا يستعيد شخصيات دمشقية مؤثرة، وأمكنة، وأقوالاً مأثورة، لطالما كانت عصباً متيناً في المدوّنة السورية الشفوية والمكتوبة، بما يشبه صندوق الفرجة. في تقديمه لمعرضه الجديد الذي تستضيفه غاليري «تجليات» غداً، يقول المعرّي «وإن هجرناهم فلنفكر بهم قليلاً: ففي دمشق من يستحق الحياة. هكذا، تبدو هذه العبارة، حين تتجه كل الجهود إلى العمل في الخارج أو في الجوار القريب، جواباً ممكناً لمن يتساءل عن هدف إقامة هذا المعرض في هذه الظروف، وفي هذه المدينة. ويصبح هذا مبرراً كافياً لعناء العمل والتحضير لتخرج الأعمال إلى النور بصورة لائقة، ما أمكننا». لعل ما يرغبه هذا الرسّام المتفرّد إثارة ابتسامة ما، وسط المتاهة التي نعيش، مراهناً على شراكة مع متفرّج يحمل الذاكرة نفسها، تلك التي تعيد للمدينة حيويتها ونصاعتها الروحية، مستنجداً بعبارة نفيسة هي «سورية لنا وأنت أخي».

* «دكانة أبو ماتيس» ـ غاليري تجليات- دمشق، بدءاً من الغد حتى 5 حزيران (يونيو)

للاستعلام: 09636112338