في خطوة لافتة، تفرز عدداً من الأسئلة والإشكاليات، بات بمقدور أي متصفح على الشبكة العنكبوتية أن يلج موقع «شوف وثائقي» الذي أطلقته أخيراً شركة «كيوبيك كونكت» (مدير محتوى: محمد عوّاد، مدير تقني: علي اشتيه)، المتخصصة في التكنولوجيا والميديا الرقمية، ويختار فيلماً وثائقياً من بين 400 فيلم منوّع من مجالات مختلفة (حضارات، طبيعة، استكشاف، هندسة...)، ومدبلج إلى اللغة العربية.
هذه المنصة الجديدة والفريدة في عالم الوثائقيات، تدفعنا اليوم إلى التساؤل عن هذه الصناعة، وانتقالها إلى العالم الرقمي، وأيضاً عن مدى إعادة لفت نظر المتابع والمهتم بهذا النوع من الأفلام إلى الشبكة الإلكترونية، وعن مصير الأفلام التسجيلية وصناعتها على الشاشة التقليدية.
قبل أيام، تحوّل هذا الموقع إلى مدفوع (3 دولارات شهرياً)، يقدم خدماته على شاكلة اشتراك، بعدما فتح ذراعيه مجاناً أمام المتصفحين، تحت عنوان «الحقيقة أروع من الخيال». الغاية من إنشاء هذه المنصة التي تضخ أفلاماً وأعمالاً، تتعاون فيها مع أضخم شركات إنتاج للوثائقيات في العالم، هي سدّ الفراغ الذي أحدثه الإعلام العربي بإهماله لعرض الوثائقيات، واعتباره أنّ هذه الأعمال تقع في الدرجة الثانية، بالإضافة إلى غرقه في الترفيه، بعدما تبين أن شريحة كبيرة و«مهمشة» من الناس تطلب «احترام قدراتها الفكرية وتقديم مادة قيِّمة ومعرفية».
إذاً، هو أول موقع عربي متخصص في البرامج الوثائقية، بصورة ذات جودة عالية، بعدما أطلقت الشركة «شوف دراما» في رمضان الماضي، وعرضت بعض الأعمال الدرامية حصرياً على الشبكة العنكبوتية (من بينها المسلسلان السوريان «نبتدي منين الحكاية»، و«دومينو»)، ولاقت رواجاً عالياً. ويجري الإعداد لإطلاق قناة خاصة بالأطفال في الفترة المقبلة. إذاً، تهرب الأعمال التسجيلية اليوم من الشاشة التقليدية إلى الإلكترونية، التي تعرض أفلاماً وشرائط وثائقية، على أن يفتح باب الإنتاج الخاص للأفلام في الفترة المقبلة. في اتصال مع «الأخبار»، يخبرنا محمد بو زيد من فريق الشركة، عن هذا المشروع، الذي دشّن بعد عشر سنوات من الإعداد كي «يليق بعقل المشاهد»، ويقدم له محتوى غير متوافر في كثير من المنصات، أغلبه ليس من إنتاج عربي، بل غربي.
ينطلق بو زيد من إنشاء هذه المنصة، ليتحدث عن مشاكل هذه الصناعة، وكلفتها العالية مع صعوبة التوزيع، وخسارة بالتالي الأموال التي دُفعت على هذا العمل، ولجوئها اليوم إلى الإلكتروني، لتعويض عطش العديد من المهتمين بهذه الصناعة، بعدما هيمن الترفيه و«التفاهة» على الإعلام العربي التقليدي. فكيف يكون الإقبال على هذه الخدمة؟ وهل تعوّض فعلاً ما أهملته الشاشة؟ وهل تشكل هذه المنصة ورديفاتها في المستقبل خطراً على الطرق التقليدية لإنتاج الوثائقيات وتوزيعها وعرضها؟

shoofdocs.com