بعد أكثر من 50 عاماً على إنشائها، وإدراجها ضمن قانون المطبوعات (1962)، اهتز هيكل «نقابة المحررين» أمس. هذا الهيكل الذي أبقى رئيسه الراحل ملحم كرم 50 عاماً في السلطة، و«انتخب» الياس عون على مدى دورتين إثنتين آخرها قبل عامين.
أخرج وزير الإعلام ملحم رياشي أمس مشروع تعديل قانون «نقابة المحررين»، محطماً بذلك العديد من الأقفال التي وضعتها النقابة في وجه مئات الصحافيين، وحرمتهم الإنتساب اليها، سيما الجيل الشاب، وأبقت قوانينها الداخلية على قياسها في الإنتخاب والإنتساب، وتحديد شروطه. أمس، أطلق رياشي هذا المشروع الذي عملت عليه لجنة مشتركة من الوزراة والنقابة، بحضور عون وبعض أعضاء النقابة، وهو يعدّ من أبرز الإصلاحات بل الإنتفاضات على هذا الجسم المهترىء من «نقابة المحررين».
المشروع المنتظر إقراره في مجلس الوزراء، يتضمن 4 نقاط أساسية، عدّدها الوزير في مؤتمره الصحافي في وزارة الإعلام، على رأسها فتح باب الإنتساب الى جميع العاملين في قطاع الإعلام أكان مرئياً، مسموعاً، مطبوعاً أو إلكترونياً، و«لأي وسيلة إنتموا»، حتى العاملين في السفارات اللبنانية في الخارج. النقطة الثانية والملحّة في وقتنا، تأمين الحصانة النقابية لهؤلاء العاملين، بمعنى منع أي جهة قضائية أو أمنية من إستدعاء أي صحافي، بل عليها أن تعود الى النقابة. كذلك، تم الإتفاق على إنشاء صندوق للتعاضد المهني، مما يحتاج بالتأكيد الى خطة مالية، جزء منها يتألف من إشتراكات المنتسبين السنوية. من ضمن المشروع إنشاء صندوق للتقاعد «كي لا يبقى أي صحافي متقدم في السنّ، يشتغل ليعيش»، وأيضاً تنظيم قانون التعاقد، إذ لهؤلاء المتعاقدين في المؤسسات الإعلامية حقوق وباتوا يحظون بالحماية اللازمة من أي استغلال وظيفي.
أمام نقيب المحررين، الذي اعتبر الخطوة «مشروعاً حضارياً»، يؤسس لتعزيز دور الصحافة، توجه رياشي ليعلن البند الأخير من هذا المشروع الذي يمنع أي نقيب من البقاء في منصبه لأكثر من دورة واحدة (3 سنوات): «بعد اليوم، لن يكون هناك نقيب أبدي». حسم الوزير الأمر، معيداً البوصلة الى مبدأ تداول السلطة. يبقى في هذا المشروع الإطلاع على شروط الإنتساب التي من شأنها أن تحدد إن كانت مفتوحة للجميع أو للبعض، مع كشف الوزير عن مشروع لاحق يجمع بين نقابتي «الصحافة» و«المحررين»، ضمن ما سمي «اتحاد العاملين في الإعلام».
إذاً، دشّن رياشي مشروع تعديل قانون «نقابة المحررين»، فاتحاً عهداً جديداً في هذا القطاع، وضخاً لدم جديد. هذه الخطوة التي كانت «سهلة» ــ كما كشف لنا الوزير ـــ في إقناع النقيب وباقي الأعضاء بهذه التعديلات، تنتظر باقي البرنامج الذي حمله رياشي منذ توليه الوزارة، على رأسها تعديل قوانين «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع»، وإقرار رئيس مجلس إدارة لـ «تلفزيون لبنان» الذي يشهد تعثراً شديداً.