بعد أن رقدت في الأدراج طويلاً، خرجت إلى النور أخيراً، الأعمال الكاملة للشاعر السوري الراحل عمر أبو ريشة (1908 ــ 1990/ الصورة) في مجلدين. ضمّ المجلد الأوّل الأعمال الشعرية، فيما خُصّص المجلد الثاني لأعماله المسرحية (الهيئة العامة السورية للكتاب)، وقد قام بتحقيق هذه الأعمال فايز الداية، وسعد الدين كليب، ومحمد قجّة، وبذلك تتاح قراءة أعمال هذا الشاعر المتفرّد ضمن منهج علمي رصين، اشتمل على نصوصه وما كُتب عنها نقدياً في الصحف والمجلات، بوصفه أحد رواد الكلاسيكية الجديدة، إذ تنطوي أشعاره على نزعة رومانسية شفيفة، ونبرة صوفيّة، وصورة شعرية مبتكرة.
ووفقاً لتقديم الكتاب فإن «رسالة الشعر التي أطلقها عمر أبو ريشة كانت بعضاً من الحياة وهمومها وأحلامها، وجماليات تتناغم وتردد أصداءها العيونُ والكلماتُ، وقد سجّلت طاقاته الإبداعية حضورها في عقود ستة تتابعت، واتخذت المنبر وأوراق الكتب والصحف ووسائل الاتصال طريقاً، وستكون فاعلة في مستقبل تقرأ فيه الأجيال أشعارها، وهذا هو الجناح الآخر الذي به يخفق الخلود، فلا تُطوى الصفحات مع دوران الأزمنة».
كان صاحب «غنّيت في مأتمي» طائراً شعرياً حرّاً، حلّق في فضاءات واسعة، إذ عمل مديراً للمكتبة الوطنية في حلب، قبل انتقاله إلى السلك الدبلوماسي سفيراً في معظم بلدان أمريكا اللاتينية، والنمسا، وأمريكا، والهند، وهو ما رفد قصيدته بمخزون شعري أصيل، سيختزله لاحقاً بعنوان كتابه «الجوّاب التائه» بالإنكليزية. على الضفة الأخرى، أنجز عدداً من النصوص المسرحية التاريخية، أبرزها «ذي قار»، و«محكمة الشعراء»، و«الطوفان»، و«المتنبي»، و«تاج محل»، بالإضافة إلى «ملاحم البطولة في التاريخ العربي» التي جاءت بأثني عشر ألف بيت. وستبقى قصيدته «يا عروس المجد تيهي واسحبي فـي مـغانينا ذيـول الـشهب» بصوت سلوى مدحت أكثر قصائده شهرةً وحضوراً.