ضيّعت القوى السياسية فرصاً عديدة للاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية، حتى بات من الصعب تصديق الاشارات الايجابية التي تبرز بين الفينة والأخرى. على الرغم من ذلك، وبعد 24 ساعة من التقاط الأنفاس مع وصول الصراع حول الصلاحيات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب إلى مراحل متقدمة، يبدو أنّ ساعة الاتفاق على القانون قد اقتربت.
والدخان الأبيض لن يصدر إلا من القصر الجمهوري، الذي وعد سيدّه الرئيس ميشال عون أمس بأنّ «الانتخابات النيابية ستتمّ وفق قانون النسبية، وأن الاتصالات الجارية تصبّ في اتجاه الوصول إلى اتفاق على القانون الذي يعتمد 15 دائرة قبل انتهاء ولاية مجلس النواب». فوفق المعلومات المتداولة أمس، ستُفعّل حركة المشاورات، لا سيّما بين التيار الوطني الحر وحركة أمل وتيار المستقبل، وستُعقد خلوات عدّة بين المعنيين لإنهاء مسودة أولية للاتفاق على القانون الجديد قبل الإفطار في بعبدا يوم الخميس. وإذا نجحت المفاوضات بين القوى المعنية في منح كلّ فريق الضمانات التي يُطالب بها، فإنّ رئيس الجمهورية «سيزفّ البشارة» إلى اللبنانيين في كلمته خلال الإفطار، مُنقذاً بذلك عهده من السقوط في فخ الستين، والبلاد من الوقوع في الفراغ.

يأمل برّي جواباً إيجابياً
من عدوان وتكتل التغيير والإصلاح على اقتراحاته


وأعلن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، أمس، أن «تفاؤلنا لا يزال قائماً، وسيتأكد أيضاً بعد يوم الخميس، أي عند الإفطار في القصر الجمهوري». وبعد زيارته الرئيس سليم الحص مهنّئاً بحلول شهر رمضان وبعيد المقاومة والتحرير «الذي كان أحد كبار صنّاعه والشركاء فيه»، قال رعد: «هناك عدة مقومات للتفاؤل، منها أن أصل النقاش الذي يدور الآن في كل الصيغ إنما يعتمد النسبية الكاملة في قانون الانتخاب، والصيغ المطروحة رهن للنقاش. هناك نقاط تقارب أساسية حصلت، وبقيت نقاط بتقديري يمكن تجاوزها». كذلك أكدّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنّ «القانون الانتخابي قطع 95% من مخاضه نحو الولادة، والخمسة الباقية تفاصيل لا يمكن أن تُعثّر بلوغ الهدف». وتمنّى، في حديث إلى «المركزية»، أن «يُشكل إفطار القصر الخميس مناسبة لبلوغ الهدف».
المناخ الإيجابي تزامن مع انتهاء الدورة العادية لمجلس النواب اليوم. الآمال، في الفترة المقبلة، ستكون مُعلّقة على العقد الاستثنائي، علماً بأنّ قناة «أو تي في» ذكرت في مُقدّمة نشرة أخبارها أمس أنّه «لا توقيع لمرسوم فتح الدورة الاستثنائية قبل التأكد من الاتفاق على القانون الانتخابي الجديد، حتى تكون الجلسة المرتقبة ضمن العقد الاستثنائي للتشريع لا للشريعة». ولكن وفقاً لمعلومات «الأخبار»، فإنّ إصدار مرسوم فتح عقد استثنائي لن يتأخر كثيراً. والجلسة النيابية المُحدّدة في 5 حزيران لا تزال قائمة «ولكن لا شيء يمنع تأجيلها»، بحسب رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي أعاد أمام زواره أمس تكرار رفضه نقل المقاعد من دائرة إلى أخرى، مُعتبراً أنّ ذلك «أشبه بالتقسيم الذي لا يُمكن القبول به على الإطلاق». وقال برّي إنه لا يزال ينتظر الصيغة النهائية لمشروع الدوائر الـ15 من النائب جورج عدوان، وردّ تكتل التغيير والاصلاح على اقتراحاته، موضحاً أنه يأمل «جواباً إيجابياً قبل الانتقال إلى مناقشة جوانب أخرى من المشروع التي لم تُحسم بعد، ومنها طريقة احتساب الأصوات في الدائرة الانتخابية، لأن هناك أكثر من طريقة لم يُتّفق على إحداها حتى الآن».
وكان الوزير جبران باسيل قد ذكّر، بعد انتهاء اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، بـ«الضوابط» المطلوبة من قبل تياره للقبول بالقانون الجديد، لافتاً إلى أن جزءاً من هذه الضمانات موجود في مشروع النسبية في 15 دائرة. فقد عدّد باسيل «الضمانات» وفق الآتي:
«1ــ الحدّ من أيّ طغيان عددي، وهذا موجود في طريقة تقسيم الدوائر مع اعتماد الـ15 دائرة.
2 ــ الحفاظ على الخصوصيات، وهذا يحقّقه بشكل أو بآخر التقسيم الى 15 دائرة.
3 ــ احترام إرادة الناس المناطقية والطائفية، لأنّ المذاهب ما زالت تتحكم في المقاعد، فهناك من يصوّت حسب المنطقة، وهناك من يصوّت حسب المذهب أو الطائفة.
4 ــ ضمان عدم وصول مرشحين للانتخابات، سقطوا بخيارات الناس، بواسطة المحدلة الانتخابية.
5 ــ فعالية الصوت وتأثيره، وهذا أساسيّ. فتأثير الصوت مهم للمشاركة. وهنا، تبقى الفعالية أهم من التمثيل، وهو ما أكده اتفاق الطائف».
وكرّر إصرار التيار «على إنشاء مجلس شيوخ. كذلك في أيّ حل سياسي يجب أن يتم الاتفاق على اللامركزية الإدارية لإقرارها. ونحن نطالب بضمانات قانونية لوقف التلاعب الديموغرافي الذي يحصل في البلد». وذكّر باسيل بتأييد التيار للنسبية، إذ «طالبنا بها في بكركي، عندما وافقت الاحزاب المسيحية الأربعة على القانون الأرثوذكسي، ثم على الـ15 دائرة». وخلافاً لموقف القوات اللبنانية، أوضح رئيس التيار الوطني الحر أنّه «لم نطرح نقل المقاعد مع أحد. نحن نطالب بتطبيق الطائف بالعودة إلى الأصل، أي إلى 108 نواب وليس 128 نائباً».
وكان لافتاً توجيه باسيل رسالة علنية لحزب الله، من دون أن يُسمّيه، قائلاً: «لدينا صديق ثالث (الأول هو تيار المستقبل والثاني هو القوات اللبنانية) نريده أن يساعدنا في كشف الكذب لأنه صادق. ونريده أن يضمن بصدقه ألا يحصل تلاعب في أي شيء يمكن أن يحصل، خصوصاً أنّ إنجاز هذا القانون يحتاج إلى ضمانات وضوابط وإصلاحات». ولفت إلى أن الاختلاف في وجهات النظر حول الصلاحيات الدستورية مع الرئيس بري لن «يخرّب قانون الانتخاب».
على صعيد آخر، تقدم وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل بطلب الى وزير العدل سليم جريصاتي «لإجراء التعقبات القضائية اللازمة في حق كل من يظهره التحقيق، متورطاً في الاتهامات المساقة ضد وزير الطاقة وفريقه السياسي في موضوعَي شركة «إني» (الإيطالية للتنقيب عن النفط) والمحطات العائمة (بواخر الكهرباء)». وتجدر الإشارة إلى أن الاتهامات التي يتحدّث عنها أبي خليل هي اتهامات بالفساد وجّهها له، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، عدد من السياسيين والإعلاميين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
(الأخبار)