أسّست «الشركة اللبنانية لتطوير وإعادة إعمار وسط مدينة بيروت» (سوليدير)، عام 2010، أكثر من تسع شركات ذات طابع سياحي برأسمال 10 ملايين دولار، واستخدمت أموال المساهمين فيها لتمويل هذه الشركات بمبلغ 31 مليون دولار، علماً بأن تأسيس هذه الشركات يخالف المادة الثالثة من قانون إنشاء «سوليدير».
ثلاث من الشركات التسع باتت اليوم مصفّاة أو قيد التصفية، فيما الست الباقية على طريق الإفلاس والتصفية أيضاً، بسبب عدم قدرتها على تسديد ديونها للشركة الأم. وتشير ميزانية «سوليدير» إلى أن إدارة الشركة تأخذ مؤونات سنوية، في مقابل هذه الديون التي يعاد شطب قسم منها أيضاً بعد تحوّلها إلى ديون معدومة. تبديد كل هذه الأموال لم يستفد منه سوى بضعة أعضاء في مجلس إدارة «سوليدير» الذين عيّنوا رؤساء أو أعضاء في مجالس إدارات الشركات التسع، بالإضافة إلى المحامي الثابت غالب محمصاني.

تنفيعات خاصة

ووفق التقرير الخاص لمجلس إدارة «سوليدير»، فإن الشركة أسّست عام 2010 عدداً من الشركات المساهمة «لإدارة وتشغيل نشاطاتها ذات الطابع السياحي». ويضيف أن بعض أعضاء مجلس إدارة «سوليدير» ومحاميها يشغلون صفة رئيس أو عضو في مجالس إدارات هذه الشركات السياحية، وأن ديون هذه الشركات للشركة الأم تبلغ 31.3 مليون دولار موزّعة على النحو الآتي:
ــــ شركة «بيروت هوسبيتاليتي كومباني ش.م.ل.هولدنغ» مملوكة بالكامل من «سوليدير». الرصيد المدين 6.275.299 دولاراً، ويشغل جوزف عسيلي منصب رئيس مجلس الإدارة، وماهر بيضون عضو مجلس الإدارة. (السجل التجاري في بيروت يظهر أن هذه الشركة تأسّست في 29/6/2006 برأسمال 750 مليون ليرة وأن ناصر الشمّاع هو أحد مؤسسيها).
ــــ شركة BHC1 ش.م.ل. مملوكة بالكامل من «سوليدير»، ورصيدها المدين يبلغ 4.978.149 دولاراً. ويشغل ماهر بيضون منصب رئيس مجلس الإدارة. (السجل التجاري في بيروت يظهر أن هذه الشركة تأسّست في 28/4/2010 برأسمال 30 مليون ليرة ويشغل منير الدويدي منصب المدير العام، فيما محاميها هو غالب محمصاني، وتملك «سوليدير مانجمنت سرفيسز» حصّة فيها).
ــــ شركة BHC3 ش.م.ل. مملوكة بالكامل من «سوليدير»، ورصيدها المدين يبلغ 272.873 دولاراً. ويشغل منير دويدي منصب رئيس مجلس الإدارة. (السجل التجاري في بيروت يظهر أن هذه الشركة تأسّست في 31/5/2010 برأسمال 30 مليون ليرة ومحاميها هو غالب محمصاني، وتملك «سوليدير مانجمنت سرفيسز» حصّة فيها).
ــــ شركة BHC4 ش.م.ل. مملوكة بالكامل من «سوليدير»، ورصيدها المدين يبلغ 385.740 دولاراً. («سوليدير» لم تصرّح عن أي من أعضائها في ما خصّ هذه الشركة، فيما تشير سجلات السجل التجاري إلى أنها تأسّست في 28/4/2010 برأسمال 30 مليون ليرة، ويشغل منير الدويري منصب مديرها العام، ومحاميها هو غالب محمصاني، ومن أعضاء مجلس إدارتها زاهي النعماني (سكرتير رئيس مجلس الإدارة ناصر الشماع)، وهو موظف في «سوليدير»، وتملك «سوليدير مانجمنت سرفيسز» حصّة فيها).
ــــ شركة BHC5 ش.م.ل. مملوكة بالكامل من «سوليدير»، ورصيدها المدين 12.002.237 دولاراً. ويشغل منير دويدي منصب رئيس مجلس الإدارة. (بحسب السجل التجاري، فإن هذه الشركة تأسّست عام 28/4/2010 برأسمال 30 مليون ليرة، وتملك «سوليدير مانجمنت سرفيسز حصّة» فيها، وغالب محمصاني هو محاميها).
ــــ شركة MATS ش.م.ل. مملوكة بالكامل من «سوليدير»، ورصيدها المدين 8.316.945 دولاراً. ويشغل جوزف عسيلي منصب رئيس مجلس الإدارة.

3 شركات للتصفية

يمثّل ما ورد في التقرير الخاص لمجلس الإدارة نصف الحقيقة. فالواقع أن هناك ثلاث شركات قيد التصفية غير واردة في أي من تقارير «سوليدير»، وهي:
ــــ شركة BHC2 ش.م.ل. المملوكة بالكامل من «سوليدير». وهي تأسّست في 28/4/2010 برأسمال 30 مليون ليرة، تملك «سوليدير مانجمنت سرفيسز» حصّة فيها، ويتولى رئاسة مجلس إدارتها مصباح كنفاني الذي كان عضواً في مجلس إدارة سوليدير، فيما مفوض التوقيع لديها هو منير الدويدي، ومحاميها غالب محمصاني. أما المصفّيان في هذه الشركة فهما زاهي نعماني وجميل الخوري.
ــــ شركة BHC6 ش.م.ل. المملوكة بالكامل من «سوليدير». وهي تأسّست في 28/4/2010 برأسمال 30 مليون ليرة، وتملك «سوليدير مانجمنت سرفيسز» حصّة فيها، ويتولى رئاسة مجلس إدارتها مصباح كنفاني، ومفوض التوقيع لديها منير الدويدي، ومحاميها غالب محمصاني، والمصفّيان زاهي نعماني وجميل الخوري.
ــــ شركة BHC7 ش.م.ل. المملوكة بالكامل من «سوليدير». وقد تأسّست في 7/3/2010 برأسمال 30 مليون ليرة. وتملك «سوليدير مانجمنت سرفيسز» حصّة فيها، ويتولى رئاسة مجلس إدارتها زاهي نعماني ومفوض التوقيع لديها هو منير الدويدي، ومحاميها غالب محمصاني. أما المصفّيان فهما زاهي نعماني وجميل الخوري.

الوضع القانوني

بكل سهولة، تمارس سوليدير أعمالاً ونشاطات سياحية من دون أي مساءلة قانونية عن مدى مطابقتها لقانون إنشائها، ولا سيما للمادة الثالثة التي تحدد موضوع الشركة بالآتي:
ــــ تملك العقارات وأقسام العقارات المحددة أرقامها في اللوائح المرفقة بالمرسوم الرقم 2236 تاريخ 19/02/1992 وسائر الحقوق الجارية عليها أو العائدة لها.
ــــ تمويل وتأمين تنفيذ أشغال البنية التحتية في المنطقة الواقعة فيها العقارات وأقسام العقارات المذكورة في البند (1) أعلاه، وذلك لحساب وعلى نفقة الدولة.
ــــ ترتيب وإعادة إعمار المنطقة الواقعة فيها عقارات الشركة وفقاً لأحكام تصميم وتنظيم توجيهي مصدقين حسب الأصول وترميم الأبنية الموجودة وبيعها وبيع الأراضي المرتبة والعقارات وإنشاء الأبنية عليها وبيعها أو تأجيرها أو استثمارها وإدارتها وصيانتها.

لا تجد سوليدير أيّ مانع
من مخالفة القوانين في ظلّ غياب المحاسبة


ــــ ردم جزء من البحر مقابل الوسط التجاري لمدينة بيروت في المواقع التي يتم الاتفاق بشأنها مع الحكومة اللبنانية بموجب اتفاق يضعه مجلس الإنماء والإعمار ويصدق بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المالية ووزير الأشغال العامة والنقل، وفقاً لتصميم ونظام توجيهي مصدقين حسب الأصول ويتضمن ترتيب الأراضي الناتجة من عملية الردم وتمويل وتنفيذ أشغال البنية التحتية العائدة لها وتملك ما يصيب الشركة من هذه الأراضي بموجب الاتفاق المذكور وبيعها وإنشاء الأبنية عليها وبيعها أو تأجيرها أو استثمارها وإدارتها وصيانتها وبصورة عامة ممارسة جميع حقوق الملكية عليها.
ــــ القيام بالخدمات والأعمال الاستشارية والهندسية والتطويرية في كافة المجالات العقارية والتنظيم المدني ولكافة المشاريع العقارية والعمرانية بما فيها ترتيب المناطق والمدن وتطويرها والقيام بأعمال تسويق وإدارة وتطوير المشاريع العقارية والأبنية والمحفظات العقارية على أنواعها وذلك في كافة المناطق والمدن داخل وخارج لبنان وما يتفرع عنها من نشاطات وخدمات وأعمال، ولها من أجل ذلك الحق في تأسيس الشركات والصناديق داخل وخارج لبنان و/أو المساهمة فيها و/أو إدارتها و/أو الاشتراك في إدارتها والقيام بالعمليات المالية المتعلقة بما ذكر وإجراء أي عمل يمكن أن يتصل بما تقدم أو أن يكون متمماً له أو مؤدياً الى تسهيل إتمامه أو تنميته.
ــــ القيام بجميع العمليات والأعمال الضرورية التي يتطلبها تنفيذ موضوع الشركة.
بهذا الوضوح، تظهر مخالفة سوليدير في تأسيس شركات ذات طابع سياحي. فالمادة الثالثة لم تأت على ذكر أي نشاط سياحي، ولا يمكن التذرّع بالفقرة الأخيرة من هذه المادة التي تشير إلى «القيام بجميع العمليات والأعمال الضرورية التي يتطلبها تنفيذ موضوع الشركة» من أجل تبرير إنشاء مؤسسات ذات طابع سياحي ليس لها أي ارتباط أو علاقة مع موضوع الشركة المتعلق بردم البحر وترتيب الأراضي وتطويرها في منطقة وسط بيروت.
رغم ذلك، لا تجد «سوليدير» أي مانع من مخالفة القوانين بلا أي محاسبة. لا بل إن تأسيس الشركات ذات الطابع السياحي رتّب خسائر على الشركة ومساهميها بملايين الدولارات. حتى الآن، بلغت قيمة المبالغ التي ضخّتها إدارة سوليدير في هذه الشركات 41 مليون دولار من دون أن يطلع أي من المساهمين على جدوى هذا الاستثمار وعلى عائداته ومن دون احتساب المبلغ الذي أطفأته سوليدير من ديون هذه الشركات.




تنفيعات... تنفيعات


يشير التقرير الخاص لمجلس إدارة «سوليدير» إلى أن الشركة تتعامل مع «بنك البحر المتوسط» و«بنك ميد سويسرا» بالحساب الجاري وحساب الودائع لأجل، إضافة إلى تسهيلات وعمليات مصرفية أخرى، علماً بأن عضو مجلس إدارتها باسيل يارد هو عضو في مجلس إدارة المصرفين المذكورين. كذلك يشغل عضو مجلس إدارة «سوليدير» روفائيل صبّاغة منصب عضو مجلس إدارة شركة إنماء واجهة بيروت البحرية، وهي شركة تملك فيها «سوليدير» 50%، واستدانت من «سوليدير» مبلغ 43 مليون دولار منذ عام 2011.