صحيح أن عالم الكرة يتابع باهتمام ما يحصل في كأس القارات لكونها البطولة الكروية الوحيدة الناشطة حالياً، لكن لا ضير من القول إن هناك بطولة أخرى تضاهيها، لا بل تتفوق عليها متابعة، وهي كأس أوروبا للشباب. بطولة تعكس أهمية كبيرة لدى كل الاتحادات الوطنية في «القارة العجوز»، وهذا الأمر أصبح ملموساً في النسخة الحالية المقامة في بولونيا أكثر من أي وقتٍ مضى.
الأمثلة كثيرة عن مدى أخذ الاتحادات الأوروبية كأس أوروبا للشباب على محمل الجدّ، إذ يوم أعلن مدرب منتخب ألمانيا بطل العالم يواكيم لوف، تشكيلته المشاركة في كأس القارات 2017، سأل كثيرون عن أسماء لمعت في الدوري الألماني خلال الموسم المنتهي، وعن أسماء أخرى سبق أن استدعاها لوف إلى «المانشافت»، لكنها لم تكن ضمن لائحته للقارات. وكذلك عن أسماء كانت في صلب منتخب ممتع أحرز الميدالية الفضية في دورة الألعاب الأولمبية التي أُقيمت في ريو دي جانيرو العام الماضي. أسماء مثل ماكس ماير، سيرج غنابري، محمود داهود، دافي سيلكه، وماكسيميليان أرنولد، كان من المفترض أن ترافق المنتخب الأول إلى روسيا، لكن لوف والاتحاد الألماني تركاها في ساحة لا تقل أهمية، وهي البطولة الأوروبية للشباب التي ترى فيها ألمانيا محطة تأسيس للمستقبل أيضاً، وترمقها بنفس النظرة التي رمقتها إلى كأس القارات حيث يدرك الكل الهدف من مشاركة ألمانيا فيها.

وألمانيا ليست الوحيدة التي تفكر بهذه الطريقة، بل إن كل المنتخبات الكبيرة المشاركة في كأس أوروبا للشباب (يشارك 12 منتخباً في البطولة)، تفكر بالطريقة عينها، فها هي إسبانيا قد أوفدت كل مواهبها إليها، وبعضها كان قد شقّ طريقه إلى المنتخب الأول على غرار ماركو أسينيسيو وساوول نيغويز وهكتور بيليرين وجيرار ديلوفيو، لتكون إلى جانب دينيس سواريز وساندرو راميريز وإيناكي ويليامس، وغيرها من الأسماء التي تألقت في «الليغا».

تعلم الأندية الأوروبية أنّ أسعار المواهب سترتفع خلال «اليورو»


وإذا ما كانت ألمانيا وإسبانيا قد دخلتا البطولة واثقتَين بمواهبهما، ومعتبرتَين أنها الحجر الأساس في المستقبل، فإن منتخبات أخرى عانت من شحّ المواهب في الأعوام القريبة الماضية، أرادت إعطاء المزيد من الخبرة الدولية لأسماء تراها واعدة بعدما أثبتت نفسها محلياً، فذهب مدرب إيطاليا لويجي دي بياجيو إلى استدعاء كل الأسماء الشابة المتاحة، فحضر حارس المرمى جانلويجي دوناروما والمدافع دانييلي روغاني ولاعبا الوسط دومينيكو بيراردي وفيديريكو برناردسكي، وهي أسماء سبق وظهرت مع «الآزوري» الأول قبل فترة قصيرة.
كذلك، باتت هذه البطولة مرتقبة بالنسبة إلى الأندية التي يسارع بعضها إلى الحصول على أهدافه قبل بداية البطولة، لكونها ستلفت النظر إلى المواهب، ما يجعل أسعارها أعلى بكثير. وهنا يمكن إعطاء ما أقدم عليه إفرتون الإنكليزي أخيراً، بضمه الحارس جوردان بيكفورد بصفقة قياسية بالنسبة إلى حارس إنكليزي (30 مليون جنيه إسترليني)، وذلك قبل أقل من أسبوع على انطلاق «يورو الشباب».
ولا يبتعد الكشافون ووكلاء اللاعبين عن هذا الخط، فهم يدركون أن الكنوز المخبّأة في الاتحادات الوطنية وملاعبها ستكون معروضة أمامهم. لكن الأهم بالنسبة إلى محبي الفوتبول، تلك العروض الرائعة التي يقدّمها هؤلاء الشبان، إذ هم لا يشدّون بأسمائهم فقط أو الأندية التي ينتمون إليها انتباه المشاهد، بل بمواهبهم الكبيرة التي أعطت أصلاً غنىً للبطولة وجعلتها أكثر متابعة من كأس القارات، إن كان من خلال الحضور الجماهيري في الملاعب أو عبر شاشات التلفزة الأوروبية. أما من لديه أي شك في الكلام المذكور، فعليه أن يراجع الأسماء المذكورة أعلاه، ويبحث عن هدف البرتغالي بروما في مرمى إسبانيا قبل أيام، لينكبّ على متابعة البطولة وإدمانها.