شهدت عمليات الجيش وحلفائه ضد تنظيم «داعش»، خلال اليومين الماضيين، زخماً عسكرياً كبيراً، من محيط بلدة السخنة حتى الوادي الجنوبي لنهر الفرات، مروراً بمناطق سيطرة التنظيم في ريفَي حماة وحمص الشرقي، في محيط بلدة عقيربات. التحرك على محور السخنة وضع القوات على أطراف البلدة الجنوبية والغربية، عبر السيطرة، أول من أمس، على حقل السخنة الغازيّ، في موازاة تقدم نحو شرق حقل الهيل النفطي، أمس، أفضى إلى السيطرة على مرتفع رجم الصابون.
وعلى المحور الآخر الذي تتقدم عبره القوات نحو دير الزور، تابع الجيش وحلفاؤه تحركهم شرقاً في محاذاة وادي الفرات، وسيطروا على عدد من المناطق الواقعة جنوب بلدة معدان، بينها تل التراب ووادي الخرايج ووادي حميمة. في موازاة ذلك، سيطر الجيش على عدد من القرى التابعة لناحية السبخة، في محاذاة وادي النهر، من بينها غانم العلي والرابية والجبلي، ليبقى «داعش» موجوداً ضمن شريط ضيق ملاصق للنهر ومفتوح نحو معدان شرقاً. وتقع المناطق التي دخلها الجيش أمس جنوب معدان، على حدود محافظة دير الزور. ومن المتوقع أن يكمل الجيش تحرّكه في المنطقة المحصورة بين جبل البشري جنوباً ووادي الفرات، والتي تحوي عدة آبار نفطية، وصولاً إلى مشارف دير الزور الغربية في محيط اللواء 137.

تمكن الجيش من قطع إمداد «داعش» نحو منطقة المقابر في دير الزور



وفيما يبدو أنه تحرك مواز لتقدم لجيش نحو المدينة، قامت قوات الجيش الموجودة داخل دير الزور بخطوة هامة لإنهاء فصل «داعش» للمطار والمدينة، عبر حفر نفق من شأنه قطع طريق إمداد التنظيم من غرب الثردة نحو نقاطه في منطقة المقابر، في موازاة تغطية نارية تؤمنها نقاط الجيش غرب المطار. كذلك، دمّر الجيش مقراً للتنظيم داخل حي الجبيلة، عبر تفجير نفق تحت المبنى.
وبالتوازي، شهد ريف حمص الشرقي، اشتباكات مع تنظيم «داعش» في محيط قرية أم صهريج وبلدة جب الجراح، بالتزامن مع استهداف سلاح الجو مواقع التنظيم في مناكق عكش ووادي العظام والزاعجة، في ريف حماة الشرقي المجاور. ونفذ سلاح الجو الروسي بدوره، عدة استهدافات لمواكب تابعة للتنظيم في محيط قرية عقيربات.
وتطرح العمليات المتسارعة للجيش وحلفائه نحو دير الزور، تساؤلات عديدة حول طبيعة التحرك المرتقب لواشنطن، لضمان مصالحها في منطقة وادي الفرات، ولا سيما أن مسؤوليها أشاروا مراراً إلى أن جميع مناطق سيطرة «داعش» منطقة محتملة للعمليات بعد الرقة. وضمن هذا السياق، لفت المبعوث الرئاسي الأميركي إلى «التحالف الدولي» بريت ماكغورك إلى أن منطقة شرق وادي الفرات ووادي الخابور، سوف تكون ضمن خطط «التحالف»، موضحاً أنه لن يكشف عن «طبيعة» تلك الخطط. وقال ماكغورك، إن هذه المنطقة خاضعة لترتيبات «منع تصادم» تم تنسيقها مع روسيا عقب إسقاط القاذفة السورية في ريف الرقة الجنوبي. وحول ماهية إدارة مدينة الرقة عقب انتهاء العمليات العسكرية فيها، وطبيعة علاقة تلك الإدارة بالحكومة في دمشق، أشار إلى أن «مجلس الرقة المدني» هو من سوف يكون مسؤولاً عن إدارة المدينة وريفها، وهو «لا يريد عودة النظام إلى إدارة الرقة».
وفي شأن اتفاق «تخفيف التصعيد» في المنطقة الجنوبية، رأى أن فرص نجاحه كبيرة لأن كل مرحلة منه درست بشكل مفصل، وصيغت بشكل واضح، كما أن كل الأطراف المعنية تعرف بالضبط أين يجب أن تكون وما هو المطلوب منها.
وفي تصريحات أثارت غضباً إعلامياً ورسمياً تركياً، قال ماكغورك إن «إدلب الواقعة على حدود تركيا، أصبحت جنة تنظيم (القاعدة) الآمنة الأكبر منذ أحداث 11 أيلول»، معتبراً أن «النهج الذي اتبعه بعض شركائنا في إرسال عشرات آلاف الأطنان من الأسلحة، والسماح للمقاتلين بالتدفق إلى داخل سوريا، أثبت أنه ليس النهج الأفضل، واستفاد منه (القاعدة) بالحد الأقصى». وأضاف أن سيطرة (القاعدة) على إدلب «سوف تناقش مع الجانب التركي. وكما فعلنا في بعض المناطق وتمكنّا من إغلاق الحدود، نحتاج إلى شيء مشابه في إدلب».
إلى ذلك، اعترضت وزارة الخارجية التركية في بيان للمتحدث باسمها، حسين مفتي أوغلو، على تصريحات ماكغورك، مجددة تأكيدها أن الدعم الأميركي لمنظمة «إرهابية» مثل «حزب الاتحاد الديموقراطي» لا يمكن تبريره بأي سبب. ولفت البيان إلى أن السفارة التركية في واشنطن ستوصل الاعتراض بشكل رسمي إلى السلطات الأميركية هناك.
(الأخبار)