الرقة مدينة منهوبة. لا نعلم إلى أين ارتحلت آثارها. بشرها محاصرون، وقتلاها بلا أسماء. فرات بجسور محطّمة، وقلاع يحتلها البرابرة. هكذا اختفت مئات اللوحات والكتب من مبنى مديرية الثقافة في المدينة، قبل حرق المكان وبعده، ثم نُهبت آثار قلعة جعبر، واختفت آلاف الوثائق القديمة.
اليوم ناشد مثقفو الرقة «منظمة اليونسكو» بحماية مكتبة عبد السلام العجيلي (1918- 2006/ الصورة)، وهي من أكبر المكتبات الشخصية في المدينة. وفقاً لما يقوله الصحافي فراس الهكار، فإن هذه المكتبة أقرب ما تكون إلى متحف نظراً لاحتوائها على مخطوطات تاريخية نفيسة، وكتب نادرة، ومراجع مهمة، تشكّل مجتمعةً الذاكرة الأخيرة لحاضرة الرشيد. ذلك أن التاريخ الشخصي لصاحب «السيف والتابوت» يصعب تكراره بالألق نفسه، فهو حكّاء من طراز خاص أثث بيئة خاصة لمدينة رفض أن يغادرها إلى آخر حياته. المكتبة في خطر إذاً، ولا ممر آمناً لحمايتها من عبث اللصوص والنهّابين باقتراب الحصار من «حارة العجيلي». قبل فترة، قصيرة ألمح الهكار نفسه إلى أن أحدهم استولى على مخطوطة للعجيلى ونشرها باسمه (!)، كأن محو تراث هذا الكاتب الأصيل وتزويره منذور للشقاء، كما هو حال هذه المدينة التي كانت يوماً ما، مشتلاً للإبداع والأصالة.