القاهرة | لم يعد هناك ما يمنع الفريق أحمد شفيق من العودة إلى مصر بعد خمس سنوات قضاها في الإمارات، منذ خسارته في الانتخابات الرئاسية عام 2012. لقد رُفع اسمه من قوائم «الترقّب والوصول»، ولو أن هذا الإجراء يبقى ظاهرياً، إذ إنه في حال لم ترد السلطة السياسية لشفيق أن يعود، فإن قدميه لن تطآ القاهرة.
أمرٌ واحدٌ سيجعل شفيق يعود إلى دياره، وهو الترشح إلى الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها «المحروسة» في أيار/ مايو 2018، وهو ما يكثر الحديث عنه في الآونة الأخيرة من قبل جهات عدة، مع العلم بأن شفيق لم يعلن عن ذلك رسمياً بعد، وإن كانت كل المعطيات تشير إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيحكم البلاد لدورة ثانية، نظراً إلى نسبة التأييد الواسعة التي لا يزال يحظى بها.

الأجهزة الأمنية... داعم وغير داعم

يعرف السيسي جيداً قيمة الأجهزة الأمنية ودورها في عزل محمد مرسي عام 2013، لذا يمكن تفسير الكمّ الكبير من الامتيازات المادية والدعم المعنوي الذي حصلت عليه هذه الأجهزة منذ وصوله إلى الرئاسة. وتنقسم الأجهزة الأمنية كالعادة إلى جزأين: أولاً، هناك من سيدعم شفيق مباشرةً وبشكلٍ سرّي، ويتوقف هذا على نزاهة الانتخابات ــ يراهن كثيرون على فكرة أن نزاهة الانتخابات تؤدي إلى فوز شفيق حال ترشحه. ثانياً، يدعم شفيق أيضاً داخل الأجهزة الأمنية من أطيح بهم لصالح آخرين من مؤيّدي السيسي، وهم كثر ويتوزّعون على مخلتف الأجهزة الأمنية ومختلف المناصب فيها. على هؤلاء بالتحديد تتجه دائماً أنظار أي مرشح للرئاسة، لكن شفيق بالذات قد يدعمه كثيرون منهم باعتباره ابناً للمؤسسة العسكرية، وعمل مع ما يسمّى «الدولة العميقة» (أي مؤيّدي نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك) لسنوات كوزير للطيران المدني، ثم شغل منصب رئيس الوزراء أيام ثورة «25 يناير»، وبالتالي لن يكون غريباً بالنسبة إليهم عودة أحد «أبناء» دولة مبارك إلى الحكم مرة أخرى.

مجلس النواب مع السيسي

لكي يتمكن شفيق من الترشح، عليه أن يحصل على تواقيع 20 نائباً من البرلمان أو الحصول على تواقيع 25 ألف مواطن من 15 محافظة مختلفة (نص المادة 142 من الدستور). ولأن من الصعب جداً أن يدعم نواب في مجلس النواب شفيق علانية، علماً بأن حزبه «الحركة الوطنية» لم يفز سوى بخمسة نواب تحت قبة البرلمان، كان منهم وزير التموين الحالي علي المصيلحي الذي فاز بمقعده عن الحزب، وبعدما أصبح وزيراً بات هناك أربعة نواب فقط لحزب شفيق، فهو بكل تأكيد سيلجأ ــ إن ترشح ــ إلى الحصول على تواقيع مواطنين من المحافظات المختلفة.

على شفيق أن يحصل
على تواقيع 25 ألف
مواطن كي يترشح

حينها سيظهر داعموه من كتلة مهمة جداً في كل انتخابات برلمانية ورئاسية مصرية، وهم قبائل وعائلات الصعيد وسيناء. وأهل سيناء تحديداً قد يرجّحون كفة شفيق أو أي منافس آخر للسيسي، خصوصاً بعد ما حدث لهم من جراء الحرب على الإرهاب، وما تكبّدوه بسبب المتطرفين في مناطقهم، من قتل ونهب وتهجير.

«الحركة الوطنية» لا تعلم بالترشح!

ممثل الهيئة البرلمانية لحزب «الحركة الوطنية» في البرلمان المصري محمد بدراوي قال إنه في حال ترشح شفيق إلى الانتخابات الرئاسية عام 2018، فسيهتم بجمع تواقيع من المواطنين وليس تواقيع النواب، لأن «من لا يمتلك 25 ألف توقيع من المواطنين لا يستحق أن يترشح للرئاسة». لكن بدراوي أكد أنه لا يملك إجابة عن سؤال حول ترشح شفيق من عدمه، وأن شفيق فقط هو من يستطيع الإجابة، قائلاً: «كل الاحتمالات مفتوحة، وإذا كان من هم داخل مصر لم يعلنوا عن ترشحهم بعد، فكيف لنا أن نسأل من يعيش خارج مصر منذ خمس سنوات، ونطلب منه إعلان ترشحه؟».
لكن الملاحظ أنه في كل مرة تحدث فيها شفيق في الفترة الأخيرة، كان يؤكد أنه لم يحسم ترشحه إلى الرئاسة بعد، وهو ما قاله في التصريحات التي أدلى بها إلى الإعلامي وائل الإبراشي، في الخامس من نيسان/ إبريل 2017، ثم في 23 أيار/ مايو الماضي حين قال: «ما زال الوقت مبكراً للحكم على الأمور بشأن الانتخابات الرئاسية، وما زالت الفترة مفتوحة لتقييم الأمور والظرف السياسي». ورغم أنه شدّد على عدم مسؤوليته عن تصريحات أيّ شخص أو سياسي حول ترشحه للانتخابات الرئاسية، إلا أن نائب رئيس «الحركة الوطنية»، رؤوف سعيد، صرّح أكثر من مرة بأن شفيق سيترشح للرئاسة، خصوصاً حين قال إن «حالة وحيدة ستمنعه من الترشح، وهي قيام القيامة»، ويعكس هذا وجود جدل حتى داخل الحزب بشأن ترشح شفيق.

الضوء الأخضر المنتظر

ربما سيأتي الضوء الأخضر الذي ينتظره أحمد شفيق للترشح للرئاسة من الخارج. فمثلما كان الخليج من الداعمين الأوائل للرئيس السيسي في 2014، ستكون له كلمة في عام 2018 أيضاً، كما أن الإمارات تؤدي دوراً كبيراً في حسم الجدل حول هذا الأمر. ففي حال أيّدت ترشّح شفيق، فلن يستطيع النظام المصري منعه من العودة إلى القاهرة وإعلان ترشحه، خصوصاً أن العلاقات المصرية ــ الإماراتية لها أبعاد أخرى غير تلك التي تُظهر على الشاشة ودّاً كبيراً بين وليّ عهد أبو ظبي محمد بن زايد والسيسي.