الآمال المعقودة على هيئة التنسيق النقابية اندثرت كلياً. الكثيرون ممن راهنوا على الهيئة خابت آمالهم من إمكان إحداث تغيير ما في المشهد النقابي، فالاعتصام الذي نفذته، أمس، أمام جمعية المصارف، كان خجولاً جداً وهزيلاً وكشف بوضوح كيف بردت جبهة المعلمين والموظفين في الإدارة العامة، وكم باتت مهمة إعادة تعبئة القواعد وضخ الحماسة في نفوسهم وإعادة الثقة بالقيادة النقابية صعبة إن لم تكن مستعصية.
بدا بعض المعتصمين مقتنعين سلفاً بعدم جدوى أي محاولة جديدة للهيئة. حضروا إلى الاعتصام وفي ذهنهم أنّه سيكون هزيلاً حتماً، وكانوا سيستغربون لو أن هيئة التنسيق حشدت أكثر، في إشارة إلى تدجين الروابط والنقابات التي لن تقوم مجدداً من دون تصويب هذا المسار النقابي. لم يعد نافعاً، بحسب هؤلاء، دعوة هيئة التنسيق إلى التخلي عن تبعيتها والإعداد لخطة تصاعدية متدحرجة لتحقيق المطالب المشتركة بين مكوناتها.
لكن ثمة من عزا هزالة التحرك إلى أن إرادة تجييش القواعد لم تكن واردة لدى هيئة التنسيق أصلاً، وإلا لكانت الأحزاب السياسية في الروابط حرّكت الباصات من المناطق. هذا لم يحصل أبداً، فقد حضر المعتصمون من المحافظات بسياراتهم الخاصة، واقتصرت المشاركة على بعض الرموز النقابية في كل حزب، فيما بدا أنّ الحضور الأكبر كان من النقابيين المستقلين.

الصراع حول السلسلة ليس سوى شدّ حبال سيتوّج بنهاية سعيدة

أما السبب الذي اختبأ خلفه قادة الهيئة فهو أن الاعتصام مجرد وقفة لتوجيه رسالة رمزية. يتهامس مشاركون في الاعتصام بشأن وجود طمأنينة لدى غالبية قادة الهيئة بأنّ قانون سلسلة الرتب والرواتب «بالجيبة» ويسير على سكة التوقيع، وكل الصراع الدائر ليس سوى شد حبال سيتوج بنهاية سعيدة. بدا البعض واثقاً من أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يخذل المعلمين والموظفين، وفي أسوأ الحالات سيكون قادراً على إعادة إصدار القانون إذا رده رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المجلس النيابي، مع العلم بأن هذا الأمر يحتاج إلى موافقة 65 نائباً.
إزاء هذا المشهد، بدا التهديد بعدم انطلاقة العام الدراسي، وأنّ جميع الاحتمالات ستصبح مفتوحة إذا رد قانون السلسلة، شعاراً في الهواء إن لم يرتبط بجدية الهيئة بالتحرك على الأرض.
نقابة المعلمين في المدارس الخاصة حضرت إلى الاعتصام لتؤكد أنها جزء لا يتجزأ من هيئة التنسيق «وليلعبوا غير هذه الألاعيب»، كما قال أمينها العام وليد جرادي، مشيراً إلى أنّه «غير مسموح لأي قوة بأن لا توقع على السلسلة ووحدة التشريع بين القطاعين التعليميين الرسمي والخاص خط أحمر».
وبدت لافتة دعوة رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي على لسان أمين الإعلام أحمد الخير أهالي الطلاب الناجحين في الشهادة المتوسطة إلى تسجيل أولادهم في الثانويات الرسمية، توفيراً للأقساط التي يفرضها تجار الحرف.
وقال رياض الحولي، باسم رابطة التعليم الأساسي: "لا تصدق، يا فخامة الرئيس، من يذرف دموع التماسيح على التعليم وهو الذي يأخذ جميع ما تقدمه الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية من منح، تضاف إليها مئات المليارات لما يسمى مدارس مجانية لم يعد يحتاج إليها اللبنانيون بعدما وجدت المدرسة الرسمية في جميع المدن والقرى».