القاهرة | أنهى إضراب عمال مصانع الغزل والنسيح أسبوعه الثاني، وسط تمسّك العمال بتطبيق الزيادات في الأجور قبل العودة إلى العمل، في وقت وعد فيه وزير قطاع الأعمال أشرف الشرقاوي بتطبيق الزيادات فور استئنافهم أعمالهم، رافضاً شرطهم المسبق بإقرار الزيادات المطلوبة.
ومعروفٌ أن عمال مصانع الغزل هم الفئة التي حرّكت أول احتجاج عمالي ضد نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2008، باشتراكهم في إضراب «6 إبريل» الشهير بتعطيل ماكينات العمل إلى حين الاستجابة لمطالبهم، فيما يعتبر تحركهم الآن الأهم والأوسع منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، خصوصاً أن العمال يواجهون بصمود الضغوط الكثيرة التي يتعرضون لها كي ينهوا إضرابهم.
ورغم اعتراف الوزير الشرقاوي بأحقيّة العمال في الزيادات التي طلبوها، خصوصاً أن الجزء الأكبر من الخسائر التي يتحمّلها قطاع الغزل والنسيج يعود إلى قِدم المعدّات وسوء الإدارة من قبل الشركة، وهو ليس مرتبطاً بمعدلات الإنتاج، إلا أن مماطلة الحكومة ورفض التفاوض قبل فضّ الإضراب زادا من تعقيدات الأزمة بصورة غير مسبوقة.
وتفرض قوات الأمن سيطرتها حالياً على نطاق اعتصام العمّال لمنع امتداد الاعتصامات إلى باقي الشركات، لا سيما أن عمّال شركة «النصر» دخلوا إضراباً جزئياً تم فضّه سريعاً مع وعدٍ بصرف نسبة لهم في الأرباح، فيما بدأت الحكومة بتوجيه اتهامات لقيادات إضراب المحلة بـ«الأخونة وتلقّي تعليمات من الخارج بهدف زعزعة الاستقرار».

قالت مصادر حكومية إن كل الحلول مطروحة لمعالجة الأزمة
ورغم أن قوات الأمن لم تتدخل حتى الآن للتعامل مع المضربين الذين صعّدوا مطالبهم التي وصلت إلى إقالة رئيس الشركة، كانت الحكومة قد أعدّت إحصائيات عديدة عن أجور العمال لمنع التعاطف الشعبي معهم، من بينها تبيان تقاضي جميع العمال أعلى من الحد الأدنى للأجور. كذلك حاصر الأمن مجمع المصانع لمنع خروج العمال منه إلى الشارع، لتبقى التظاهرات والاحتجاجات داخل أسوار المصانع.
وطالب العمال بتدشين لجنة تسوية الترقيات والمرتبات وصرف حوافز والعلاوات السنوية وبدل الغلاء بقيمة 27%، وبأن تكون الأرباح السنوية ستة أشهر ونصف شهر أسوة بزملائهم على مستوى الشركات التابعة للقطاع نفسه، مؤكدين أن البيانات التي تعلن عن أرباح الشركة غير دقيقة وبحاجة إلى مراجعة، علماً بأن رئيس الشركة السابق أقيل من منصبه بتهم فساد مالي وسوء إنفاق، لكن لم تتم إحالته إلى المحاكمة، في وقت قالت فيه الحكومة إن شركات قطاع الغزل والنسيج حققت خسائر خلال العام الماضي تقترب من نحو 600 مليون جنيه. وتكبّدت الحكومة خسائر تتجاوز 55 مليون جنيه خلال الاضراب الذي سيبدأ أسبوعه الثالث غداً من دون الوصول إلى أي تسويات بين العمال والمسؤولين. وبحسب مصادر حكومية، فإن هناك اتجاهاً إلى عدم صرف رواتب العمال عن الشهر الجاري في حال استمرارهم في الاعتصام والإضراب عن العمل، مشيرة إلى أن الحكومة تدرس حلولاً عدة لإعادة تشغيل مصانع الغزل، خاصة أنه لن يسمح بتعطيل الإنتاج في وقت تسعى فيه لزيادة الانتاج.
وأكدت المصادر أن «كل الحلول مطروحة لمعالجة الأزمة»، وأن الحكومة «لن تسمح بليّ ذراعها من العمال، لأن الاستجابة لمطالبهم من دون محاسبة ستدفع عمالاً وفئات أخرى إلى اللجوء إلى الطريق نفسه لزيادة رواتبهم وإعادة الفوضى التي حدثت بعد يناير 2011». وقالت المصادر إن هناك «متابعة من الرئاسة للأمر، وإن الرئيس سيعقد اجتماعاً بشأنها مع رئيس الحكومة والجهات المعنية لتقديم تقدير للموقف والحلول المقترحة لإنهاء الأزمة».