صنعاء ــ الأخبارعاش جنوب العاصمة اليمنية صنعاء ساعات «مُرعبة» في ظل اشتباكات «الأصدقاء» ليل السبت ــ الأحد، والتي دلت على أن الخطاب «المخفّف» للرئيس السابق علي عبد الله صالح، من ميدان السبعين، لم يفلح في تهدئة مخاوف «أنصار الله»، كما أنذرت بأن أزمة الثقة باتت في مستوى تحتاج معه إلى أكثر من كلمات تطمين، بل إلى إجراءات عملية وضمانات تكفل عدم انفراط عقد الجبهة المناوئة لتحالف العدوان في المرحلة المقبلة، مع الإشارة إلى غياب الوساطة بين الطرفين، بعد محاولة نُسبت إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

وشكّل الطرفان لجنة للتهدئة والتحقيق في اشتباكات السبت، التي أدت إلى مقتل عقيد في الحرس الرئاسي الموالي لصالح و3 من اللجان الشعبية التابعة لـ«أنصار الله». وتضم اللجنة نائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن في حكومة الإنقاذ، اللواء جلال الرويشان، ووزير الداخلية اللواء محمد عبدالله القوسي، ورئيس جهاز الاستخبارات اللواء عبدالله يحيى الحاكم. وقد بوشر العمل، فتمت إزالة عدد من النقاط المستحدثة من قبل الطرفَين في منطقتي حدة والسبعين. لكن العمل ليس ميسراً تماماً، في ظل الحديث عن عقبات جدية.

من عقبات التهدئة
أنّ ثمة «رؤوساً حامية» ومتشددين داخل الفريقين


أولى تلك العقبات أن ثمة «رؤوساً حامية» وتيارات متشددة داخل كل من الفريقين، وهي تعمل على تسعير النيران والقفز على الدعوات التصالحية التي يتصدر صفوفها رئيس «المجلس السياسي الأعلى» صالح الصماد، ورئيس مجلس النواب يحيى الراعي. هذه الأصوات يُخشى، إن استمر حضورها في ظل أزمة الثقة الناشبة، أن تتسبب في إيصال الخلافات إلى نقطة اللاعودة. أما ثانية العقبات المذكورة فتتمثل في تجليات القلق المتعاظم والمتبادل، حيث تتوجس «أنصار الله» من «مؤامرة انقلابية كان يُعدُّ لها»، وهو ما دفعها الى إحكام قبضتها على كل المنافذ الحيوية للعاصمة تحسباً لتطورات تَبغتُها دونما استعداد لها. وفي هذا الإطار، تتحدث مصادر من صنعاء عن قيام «أنصار الله»، الأسبوع الماضي، باستقدام مئات الأطقم العسكرية من صعدة وعمران لتطويق العاصمة من الجهات الشمالية والشرقية والغربية.
أما في جانب حزب «المؤتمر»، فالمخاوف تتعزز من امتداد نفوذ «أنصار الله» إلى ذلك الجزء الجنوبي من العاصمة، حيث توجد القوات الموالية لصالح ومنازل أبنائه وأقاربه والامتداد القبلي المحسوب عليه. ولم تكن أحداث جولة المصباحي إلا تجلياً للخشية المتعاظمة لدى «المؤتمر» من احتمال كهذا.
ووفق رواية مصادر مستقلة حول اشتباكات ليل السبت - الأحد، فإن موكب نجل صالح، صلاح علي عبدالله صالح، كان يتجه صوب نقطة أمنية استحدثتها «أنصار الله» جنوب العاصمة، في ما يبدو أنها محاولة اعتراض على نفاذ الحركة إلى منطقة هيمنة «الزعيم»، علماً بأنّ رواية «المؤتمر» تفيد بأن عناصر اللجان الشعبية رفضوا السماح لصلاح صالح وعدد من أولاد أعمامه ومرافقيه بالمرور «رغم إبرازهم بطاقاتهم العسكرية والأمنية»، في حين ذكرت «أنصار الله» أن موكب صلاح تجاهل وجود عناصر اللجان وحاول تخطّيهم، كذلك رفض مسلحوه إبراز بطاقاتهم، وحتى التعريف بأن نجل صالح داخل إحدى سياراته. وأضافت رواية الحركة أن رجال صالح هم الذين بادروا إلى إطلاق النار، «فتم الرد عليهم وقتل المقدم خالد الرضي».
الحادثة تسبّبت في غليان تمظهر في تنظيم العشرات من محازبي «أنصار الله»، أمس، وقفة احتجاجية في جولة المصباحي بمنطقة حدة، للمطالبة بتسليم قتلة كل من إبراهيم علي أبو طالب، ويوسف أحمد البدوي، ومصطفى محمد المرتضى، رجال اللجنة الشعبية الذين سقطوا بنيران موكب صلاح صالح. أما على الضفة المقابلة، فقد سُجّلت تحركات قبلية احتجاجية، كون خالد الرضي، الذي قُتل برصاص «أنصار الله»، يُعدّ وجهاً بارزاً من وجوه قبيلة «حاشد» (وهذه عقبة كبيرة بحد ذاتها). وقد توافد العشرات من زعماء القبيلة إلى منزل الشيخ أحمد زيد الرضي، والد القتيل، للمطالبة بتسليم قتلته. ولعل أخطر ما في تلك التحركات هو بروز أصوات من «حاشد» تدعو إلى التخلي عن «أنصار الله» وحثّ أبناء القبيلة على الانسحاب من القتال إلى جانب الحركة. وفي ذلك مؤشر بالغ الوضوح إلى ما يمكن أن تذهب إليه الأمور في حال سفك مزيد من الدماء من الجانبين، ما يهدّد بحل وثاق التلاحم القبلي الذي تشدّه اليوم كلمة مواجهة العدوان.
وإلى جانب تحركات «حاشد»، جاء بيان حزب «المؤتمر» الذي طالب بتسليم قتلة الرضي، الذي يشغل منصب نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية في «المؤتمر»، الى جانب منصبه كعضو الأمانة العامة للحزب. ودعا البيان اللجنة المكلفة بالتحقيق في الحادث إلى القيام بعملها بـ«مهنية وحيادية ورفع نتائج التحقيق في أقرب وقت». وأكد أن «هذا الحادث وما نجم عنه لن يثني المؤتمر الشعبي العام عن الاستمرار في القيام بواجبه الوطني في مواجهة العدوان».

تنفي مصادر صالح التوجه إلى عقد صفقة منفردة بمعزل عن «أنصار الله»
موقف يمكن لرافضي العدوان، إلى الآن، التمسّك به والمراهنة عليه، على الرغم من أن بعض الأنباء الواردة من الميدان تفيد بانسحاب جنود وضباط محسوبين على الرئيس السابق من جبهة ميدي، شمال غرب محافظة حجة، ما أتاح للقوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، التقدم داخل أجزاء من المدييرية.

ماذا بين «الحليفين»؟

تعود حقيقة ما يجري في صنعاء إلى الأسابيع الماضية، حين ذكر مقرّبون من «أنصار الله» أنّ الحركة فوجئت بقبول الرئيس السابق على عبدالله صالح مقترحاً تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة لأجل إعلان وقف لإطلاق النار في كل اليمن، وقيام حكومة انتقالية في صنعاء يتولى أحمد صالح، نجل الرئيس السابق، رئاستها، وتضم جميع الأطراف المعنية بالأزمة، وتعترف بها الأمم المتحدة كمرجعية واحدة للسلطة في اليمن، على أن تشرف هذه الحكومة على الإمساك بالأوضاع الأمنية والعسكرية وإدارة الدولة، في مقابل تعهد الإمارات ومعها السعودية بتمويل عملية إعادة إعمار كبيرة.
واتهمت «أنصار الله» صالح بأنه قد أعدّ احتفالية عيد تأسيس حزب «المؤتمر الشعبي» لإعلان قبوله بالمبادرة، وبالتالي تخليه عن الحرب. وهذا ما جعل «أنصار الله» تتصرف على أنها أمام محاولة انقلابية، سيما أنّ مسؤولين فيها يشكون من أنّ رجال صالح بدأوا التمهيد من خلال تحميل «أنصار الله» مسؤولية الفشل في إدارة الحياة اليومية للناس. كذلك اتهموه بأنه سعى خلال الشهرين الماضيين إلى كسب ودّ قبائل وعشائر من خلال إغراءات مالية بهدف ضمان تأييدهم صيغة الحل.
هذه الرواية تفنّدها مصادر «المؤتمر»، التي وإن كانت لا تنفي وجود أفكار واتصالات مع الخارج، ولا سيما الإمارات، فإنها تنفي التوجه إلى عقد صفقة منفردة بمعزل عن «أنصار الله»، مضيفة أنّ صالح عبّر مراراً عن إصراره على استمرار توحد الموقف من خلال وفد مشترك يضم «المؤتمر» و«أنصار الله» إلى أيّ مفاوضات بشأن مستقبل الوضع في اليمن. وتضيف مصادر «المؤتمر» أنه تأكيداً لهذا الموقف، حصل التجاوب مع الوساطات التي دعت الى التخفيف من الحشد لاحتفالية عيد الحزب، والى إلغاء كل خطب وكلمات كانت ستبدو كأنها موجهة ضد «أنصار الله».




غوتيريش: نحو مبادرة تنهي الحرب

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على هامش زيارته الكويت، أطراف الحرب في اليمن إلى الاتفاق على السماح بإيصال مساعدات إلى مدينتي صنعاء والحديدة. وأمل غوتيريش، في حديث إلى الصحافيين عقب لقاء مع أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، أن «يتم التوصل إلى اتفاق بين الأطراف للسماح بإيصال الاحتياجات الإنسانية إلى صنعاء والحديدة». وقال: «إننا نقوم بما في وسعنا لخلق الظروف المناسبة لإنهاء الجمود الحالي». وأضاف: «نعمل عن كثب مع كل الأطراف تمهيداً لإطلاق مبادرة قوية في الوقت والطريقة المناسبين».
وفي مقابلة أجراها الأمين العام للأمم المتحدة مع وكالة «رويترز»، وعد بالعمل «عن كثب مع السلطات اليمنية لمعرفة متى وكيف يمكن أن تكون هناك إمكانية لمبادرة قوية جديدة للسلام هناك».
ونفى غوتيريش تعرّض الأمم المتحدة لضغوط من قبل السعودية أو أيّ من دول «التحالف» بشأن التقرير الأممي المرتقب حول الأطفال والصراعات المسلحة. وقال إنّ المنظمة الدولية لا تواجه «أي ضغوط، ونعتبر أن الضغوط لا تقود إلى شيء، ولكن لا نواجه أيّ ضغوط. إنه عمل فني يتم القيام به، وفي النهاية سيتم عرضه عليّ، وسوف آخذ القرار طبقاً لما أراه صحيحاً».
وأشار إلى أن الأمم المتحدة تسعى إلى تهيئة الظروف لاستخدام ميناء الحديدة ومطار صنعاء في عمليات الإغاثة الإنسانية في اليمن، منبّهاً إلى الحاجة للعمل بشكل كامل «لتلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني الذي يعاني من هذه الطريقة الفظيعة ويستحق تضامننا والتزامنا».