لقد سمحت لي ظروف عملي، وحياتي الخاصة في آن، بخوض تجربة لجان الأهل المدرسية في القطاعين الخاص والعام، وأتاح لي ذلك تكوين فهم معمّق للموضوع نتيجة لتجربة عمل يومية.تستطيع لجان الأهل المدرسية لعب دور كبير في أمور عدة، أهمها تطوير الأداء التعليمي والتربوي ومراقبة الميزانيات المدرسية والتدقيق بها إذا احتاج الأمر وصولاً إلى وقفها.

لكن في الوضع الحالي، تشكّل إدارات المدارس اللجان من خلال (شبه) تعيين أو بالتزكية، وتكون بمعظم الأوقات صورية. ويجري استغلال عدم معرفة الناس بالقوانين والأوضاع المادية المتواضعة للعديد من الأهل الأعضاء في اللجان للحصول على موافقاتهم وتمرير ما تريده الإدارات من دون أية مراجعة أو تدقيق. ولا يعرف الأهل، في معظم الأحيان بما يجري، إذ لا تقوم هذه اللجان بدورها التواصلي والرقابي.
لقد استطاعت لجنة الأهل التي كنت، وما زلت، عضواً فيها، تشكيل ضغط إيجابي ومتعاون مع أصحاب المدرسة وإدارتها ما سمح بوقف زيادات الأقساط لسنتين متتابعتين، إضافة إلى وضع سقف منخفض للزيادة في السنة الأولى من ولاية اللجنة. كما استطاعت اللجنة، وبالتعاون مع المالكين والإدارة، تطوير الأداء المدرسي على كل المستويات، وبإشراك الأهل في فعاليات تربوية وترفيهية مختلفة.
طبعاً، يتطلب هذا الأمر توافر عدة عناصر/ شروط ومن أهمها:
- معرفة الأهل بوجود شيء اسمه "لجنة الأهل" وبكيفية تشكيلها وبدورها ومهامها وصلاحيتها.

استطعنا تشكيل ضغط إيجابي سمح بوقف الزيادات لسنتين متتابعتين
وهنا يحضرني كيف واجهتنا صعوبة في إقناع العديد منهم/ منهن بقدرتهم على المواجهة والتفاوض ارتكازاً إلى القوانين المرعية الإجراء (القانون 515 وغيره).
- قدرة الأعضاء على تخصيص الوقت والجهد اللازمين، وهو غير متوافر لدى معظم الأهل، وخصوصاً لجان الأهل في المدارس الرسمية بسبب الأوضاع المالية السيئة. وأذكر كيف كانت العديد من اجتماعات اللجان تتعطل لتعذر حضور الأهل بسبب العمل أو عدم قدرة معظمهم على تعطيل يوم أو نصف يوم على حسابهم. ويسري الأمر على المدارس الخاصة شبه المجانية (النموذج اللبناني المشجع على الفساد والمعطّل لتطوير المدرسة الرسمية)، والتي بمعظمها تشبه آلات القمار بما تعنيه من آلات درّ أموال لأصحابها فقط من دون أية فائدة أخرى لأي من الآخرين.
- قيام وزارة التربية بواجباتها الرقابية، والتي تكون في معظم الأحوال لصالح الإدارات المدرسية وأصحاب المدارس الخاصة. ويعود هذا الأمر إلى عطب بنيوي في منظومة الإدارة اللبنانية التي تجعل الموظف يُعلي من انتمائه الطائفي ومصلحته المالية على حساب المصلحة العامة ومصالح الناس-المواطنين كون هؤلاء غير قادرين على محاسبته ومساءلته، وإن استطاعوا القيام بذلك فلن يؤدي بهم الأمر إلى خواتيم مناسبة وعادلة.
أخيراً، بدأت حركة ناشطة في تفعيل عمل لجان الأهل تحت عدة مسمّيات، أهمها "لجان الأهل البديلة". ويمكن لهذا الاتحاد أن يدعم تأليف لجان أهل حقيقية تشكّل قوة ضغط وتفاوض فعّالة وتستطيع القيام بواجبها الرقابي والتربوي والمالي (كانت هذه اللجان غائبة عن المفاوضات واللقاءات التي جرت بين أصحاب القرار الرسمي وأصحاب المدارس الخاصة).

*خبير تربوي وعضو في لجنة أهل