خلال سبع سنوات خلت، كان من النادر أن يجتمع الشعب السوري على كلمة واحدة. فمهما كان نوع الموضوع، سيتحوّل إلى سبب إضافي لمزيد من الانقسام. لكن مباريات المنتخب السوري لكرة القدم ضمن التصفيات المؤهلة لمونديال روسيا 2018 قرّبت وجهات النظر السورية إلى حد كبير، ما عدا بعض أصوات النشاز.
جاء ذلك، بعدما أعاد المنتخب الوطني الكابتن فراس الخطيب بعد تأييده «الثورة» وإطلاقه تصريحات مناهضة للنظام، إثر تسوية استقطبت اللاعب الشهير إلى صفوف الفريق، وسط موجات عارمة من التصريحات المتضاربة، منها المرحّب ومنها المنتقد، خصوصاً بعد فتح قاعة الشرف له في مطار دمشق الدولي واستقباله بطريقة الفاتحين. كما تمكّن المنتخب من ضم الهدّاف عمر السومة الذي كانت السعودية تنوي منحه الجنسية ليلعب في صفوف فريقها.
هكذا، تمكّن المنتخب السوري، أخيراً من الفوز بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد على منتخب قطر، فيما يستعد مساء غدٍ الثلاثاء لملاقاة المنتخب الإيراني على أرضه، ضمن مباراة فاصلة بالنسبة للسوريين، من الممكن في حال الفوز بها أن يتأهل منتخبهم للمرّة الأولى في تاريخه إلى نهائيات كأس العالم.
من هنا، انطلقت حملات شعبية واسعة بدأتها مواقع التواصل الإجتماعي حيث سيطر العالم السوري على كل الصور الشخصية (بروفايل) عبرها، إلى جانب جمل منتقاة تقول «منتخبنا عزّنا و أملنا»، ونداء للمنتخب السوري يقول: «بتجيبوها». في حين كتب اللاعب السابق زياد شعبو جملاً بطريقة ساخرة طالب فيها المنتخب الإيراني بالتخلّي عن المباراة كونه ضَمن تأهله، حيث قال: «هل من المعقول أن نقف على الجبهات معاً، ونسحق الدواعش معاً وتذهبون إلى كأس العالم وحدكم؟! وهل من الممكن أن تكونوا مع روسيا ولا نكون ثالثكما ونحن محور واحد... كرمى لشارب الخامنئي أعطونا المباراة». أما المخرج والممثّل سيف الدين السبيعي الذي يعتبر من أكثر الفنانين نشاطاً على السوشال ميديا، فنشر تعليقات عدة تشجّع منتخب بلاده، قبل أن يعيد نشر أغنية والده الراحل رفيق السبيعي عن المنتخب بعدما أعاد توزيعها الموسيقي آري جان سرحان. كذلك، كتب الممثل مكسيم خليل (الصورة) تهنئة للمنتخب واعتبر أن ما حصّلوه نتيجة تعبهم، وإنجازهم سيكون للسورين جميعهم، مطالباً بأن تخرج الرياضة من قوالب السياسية، قبل أن يدخل زملاء آخرون على خط التشجيع، منهم قاسم ملحو وشكران مرتجى.
في مقابل الانتقادات التي طالت صمت الإعلام السوري، بدأت إذاعة «سوريانا» تسجيل أمنيات النجوم والعاملين في مهن الرأي العام للمنتخب، على أن يختموها بجملة «منتخبنا أملنا شجّع منتخب سوريا». عبارة سرعان ما تحوّلت إلى هاشتاغ انتشر بكثرة على تويتر وفايسبوك. كذلك، بدأت الإذاعات الخاصة، و«الفضائية السورية»، و«سوريا دراما»، و«الإخبارية السورية»، وقناة «سما» ببث فواصل وأغنيات تشجيعية، فضلاً عن فتح الهواء للحديث عن حيثيات المباراة وحظوظ المنتخب في التأهل للمرّة الأولى. أما وزارة السياحة السورية، فأعلنت عن وضع شاشات عملاقة في الساحات العامة لنقل المباراة في جو مهرجاني.