فيما تتجه جبهات الميدان ــ عدا المشتركة مع «داعش» و«جبهة النصرة» ــ إلى الانضواء بشكل كامل في مناطق «تخفيف التصعيد»، بقيت جبهة البادية الجنوبية الشرقية المحاذية للحدود الأردنية، خارج تلك المساعي خلال الفترة الماضية. وفرض هذا الواقع استمرار الاشتباكات بين الجيش وحلفائه و«فصائل البادية» على طول تلك الجبهات، وخاصة في المنطقة الحدودية جنوب شرقي السويداء وريف دمشق.
وفي مقابل إصرار الجيش على التقدم واستعادة الحدود الصحراوية مع الأردن، وفي ضوء انعدام أي أفق لفصائل البادية، ولا سيما مع الشروط الأميركية المفروضة عليها حول تركيز العمليات ضد «داعش»، أصبحت تلك الفصائل تبحث عن مخرج يحفظ ماء وجهها.
وحاولت القوات الأميركية الاستفادة من تلك القوات عبر نقلها إلى الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي، غير أن تلك الجهود اصطدمت بخلافات مع «قوات سوريا الديموقراطية»، ما دفع حينها عدداً من مقاتلي تلك الفصائل إلى الانشقاق عنها ــ بعتادهم الكامل ــ إلى جانب قوات الجيش وحلفائه. وبعد أقل من أسبوعين على زيارة وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس، للعاصمة الأردنية عمّان، في جولة إقليمية مهمة، بدأ يخرج إلى العلن ما كان يُحكى في الدوائر الضيقة عن إيعاز «غرفة الموك» والأردن إلى تلك الفصائل التي سبق أن تدربت على أراضيه، بالانسحاب من المناطق المحاذية للحدود، والكفّ عن قتال الجيش السوري.
وبينما يمكن قراءة هذا التوجه ضمن المصالح الأردنية بإنهاء المعارك على حدودها، ولا سيما مع اقترابها من مناطق تحوي مخيمات للنازحين على الحدود مباشرة، تشير المعطيات إلى أن الخطط الأردنية ــ الأميركية تأتي في محاولة لكسب تلك الفصائل وعدم خسارتها لحساب أطراف أخرى.
وضمن هذا السياق، كشفت معلومات خاصة بـ«الأخبار» عن التوصل إلى اتفاق «وقف للأعمال القتالية» بين «فصائل البادية» والجانب الروسي، بعد طلب من جانب الفصائل، جراء تكثيف الجيش لهجومه على الحدود. غير أن الاتفاق لم يتحصل على الموافقة الكاملة من دمشق، التي رفضت عدداً من بنوده.
وفي تفاصيل المعلومات، علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة، أن الفصائل التي تتمركز في القلمون الشرقي والمنطقة الممتدة بمحاذاة الحدود الأردنية ــ السورية في محافظة السويداء وجزء من ريف دمشق الشرقي، وقّعت الاتفاق مع الجانب الروسي، على أن تدخل مناطق سيطرتها ضمن مفاعيل مناطق «تخفيف التصعيد». وتضم الفصائل الموقعة كلاً من «لواء الصناديد»، و«قوات أحمد العبدو» و«جيش أسود الشرقية» و«شهداء القريتين» و«أحرار الشام» و«جيش الإسلام».
واتُّفق على تشكيل لجنة من الطرفين لتحديد خطوط الفصل بين مناطق السيطرة، وتقديم تسهيلات للفصائل المسلحة لقتال «داعش»، على أن يتعهد الطرفان بتسهيل دخول المعونات الغذائية والإنسانية، بالإضافة الى القوافل التجارية والسلع إلى مناطق سيطرة الفصائل. كذلك توكَل مهمة إدارة المناطق المنضوية ضمن الاتفاق إلى المجالس المحلية الحالية، التي تدير الأنشطة المدنية. وتعترف الفصائل بالاتحاد الروسي ضامناً لتنفيذ هذا الاتفاق، وتقبل بتشكيل قوات مراقبة لوقف الأعمال العدائية. ويتعهد الطرفان ــ بمشاركة دمشق ــ بتشكيل لجنة لإطلاق سراح المحتجزين والمختطفين من كلا الطرفين المتنازعين.
وتلفت المصادر إلى أن عدة عقبات قد تحول دون تطبيق الاتفاق، موضحة أن بعض البنود التي تضمنها الاتفاق لا يمكن أن تقبل بها الدولة السورية التي تملك اليد العليا في الميدان الجنوبي ــ الشرقي، حيث يُعمل على تطبيق الاتفاق. وتشير المعطيات إلى احتمال استمرار العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش وحلفاؤه منذ شهر تقريباً في ريف السويداء الشرقي، على طول الحدود مع الأردن، وصولاً إلى معبر التنف الحدودي.
وتأتي تلك التطورات في وقت يزور فيه قائد القيادة المركزية الأميركية، جوزيف فوتيل، الأردن، حيث التقى الملك عبد الله الثاني، في العاصمة عمان، أمس الأربعاء. وركز اللقاء وفق بيان الديوان الملكي على «تطورات الأوضاع في المنطقة، والجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب».
(الأخبار)