القاهرة | استنفار كبير على المستوى السياسي والبرلماني في مصر تسبب فيه تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» انتقد أوضاع حقوق الإنسان في السجون المصرية، بعدما جاء فيه أن «ضباط وعناصر الشرطة وقطاع الأمن الوطني في مصر، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، يعذبون المعتقلين السياسيين بشكل روتيني بأساليب تشمل الضرب، والصعق بالكهرباء، ووضعيات مجهدة، وأحياناً الاغتصاب»، فيما خلص التقرير إلى أن ما يحدث «قد يرقى... إلى جريمة ضد الإنسانية».
المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، ردّ على التقرير بوصفه «حلقة جديدة من حلقات الاستهداف والتشويه المتعمد من جانب تلك المنظمة المعروفة أجندتها السياسية وتوجهاتها المنحازة، والتي تعبر عن مصالح الجهات والدول التي تمولها»، مؤكداً أن «القراءة المدققة للتقرير تكشف بوضوح مدى الانتقائية في اختيار مصادر المعلومات من خلال اللجوء إلى كيانات معروفة بتوجهاتها المنحازة ضد الدولة، وشخصيات مجهولة، ومحاولة بناء فرضيات على أسس واهية، كالخلط المتعمد بين ملف التعذيب وقضية الباحث الإيطالي، قفزا على مسار التحقيقات الجارية».
أيضاً، أصدر «المجلس القومي لحقوق الإنسان» التابع للحكومة، بياناً بتوقيع رئيسه، ينفي فيه وجود حالات تعذيب تلقوا شكاوى بشأنها، لكن عضو المجلس حافظ أبو سعدة دعا إلى إجراء تحقيق في ما ورد بالتقرير.

يحاول نواب
مصريون تحسين الموقف الأميركي
من بلادهم

والتقرير، الذي حمل عنوان «هنا نفعل أشياء لا تصدق: التعذيب والأمن الوطني في مصر تحت حكم السيسي»، شدد على أن «النيابة العامة تتجاهل عادة شكاوى المحتجزين بشأن سوء المعاملة وتهددهم في بعض الأحيان بالتعذيب، ما يخلق بيئة من الإفلات شبه التام من العقاب». كما قال نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة نفسها، جو ستورك، إن السيسي «أعطى ضباط وعناصر الشرطة والأمن الوطني الضوء الأخضر لاستخدام التعذيب كلما أرادوا».
وكانت حكايات التعذيب قد انتشرت منذ أن أطاح وزير الدفاع آنذاك، عبد الفتاح السيسي، الرئيس السابق محمد مرسي عام 2013، وبدأ هجوماً واسعاً على الحقوق الأساسية، علماً بأن التعذيب كان دوماً متفشياً في الأطر الأمنية والعدلية في مصر، كما أن الانتهاكات الواسعة على يد قوات الأمن ساعدت على انطلاق الثورة في البلاد عام 2011، التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك بعد قرابة 30 عاماً في الحكم.
وفي التقرير الأخير، قالت «هيومن رايتس ووتش» إنها قابلت 19 معتقلاً سابقاً وأسرة معتقل تعرضوا للتعذيب بين عامي 2014 و2016، فضلاً عن محامي الدفاع وحقوقيين مصريين، كما راجعت عشرات التقارير عن التعذيب التي أصدرتها المنظمات الحقوقية ووسائل إعلام مصرية. وأيضاً أشار التقرير إلى أن تقنيات التعذيب، التي وثقتها المنظمة، مورست في مراكز الشرطة ومقارّ الأمن الوطني في أنحاء البلاد، واستخدمت أساليب متطابقة تقريباً، لسنوات عدة.
ومنذ قرار تعليق نحو 291 مليون دولار من المعونة الأميركية، التي تحصل عليها مصر من الولايات المتحدة بموجب اتفاقية «كامب ديفيد»، عقد عدد من نواب الأغلبية في البرلمان اجتماعات عدة للاتفاق على زيارة مجموعة إلى واشنطن ولقاء نظرائهم في الكونغرس لـ«شرح حقيقة الوضع في مصر»، وسط مطالبات من جهات سيادية بإقصاء السفير المصري لدى واشنطن، ياسر رضا، بسبب «قصوره عن مهماته بالشكل المطلوب»، وترشيح آخر خلفاً له قبل انتهاء مدته، وهو ما رفضه وزير الخارجية، سامح شكري.
وقبل أسابيع زار نواب الأغلبية الكونغرس، لكن يجري الآن ترتيب لقاءات جديدة في واشنطن عبر جهة سيادية وليس وزارة الخارجية، ومن بينها لقاء مع النائب الجمهوري المعارض للموقف المصري، ليندسي غراهام. وسيفتح النقاش أيضاً في الهدف من قانون الجمعيات الأهلية الذي أقرّته الرئاسة المصرية بعد أشهر من موافقة البرلمان عليه.