حتى وقت متأخر من مساء أمس، لم يكن مجلس الأمن قد أصدر قراره بشأن فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، إلا أن البوادر كانت تدل على احتمال كبير لإقرارها، نظراً إلى الموقف الصيني الذي بدا محبّذاً للخطوة، فيما حافظ الموقف الروسي على غموضه في هذا المجال.
بيونغ يانغ من جهتها، تابعت التأكيد على الاتجاه الذي تتبعه وهو عدم الإذعان لأي نوع من الضغوط، وقد تبدّى ذلك في تحذيرها الولايات المتحدة من أنها ستدفع الثمن إذا ما تبنّى مجلس الأمن مشروع القرار الذي تطرحه واشنطن. وقال متحدث باسم وزارة خارجية كوريا الشمالية إن واشنطن «تقوم بمساع محمومة» لتوظيف الأمم المتحدة في موضوع التجربة النووية لبلاده، واصفاً تلك التجربة بأنها تدخل ضمن «إجراءات مشروعة للدفاع عن النفس». وأضاف المسؤول الكوري الشمالي، في بيان نشرته وكالة الأنباء الكورية المركزية، أنه «في حال فرضت الولايات المتحدة بالفعل القرار غير القانوني وغير المشروع لفرض عقوبات أشد، فإن جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية ستتأكد تماماً من أن الولايات المتحدة ستدفع ثمناً مستحقاً».
وحذّر المتحدث إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقول إن «العالم سيشهد كيف ستروّض جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية العصابات الأميركية باتخاذ سلسلة من إجراءات أشد ممّا تصوروه في أي وقت مضى».
وقد جاء ذلك في وقت أعلنت فيه المنظمة الدولية للطاقة الذرية أنها كشفت بوادر عمل أجهزة طرد مركزي مخصصة لتخصيب اليورانيوم في منشأة يونغبيون النووية الرئيسية في كوريا الشمالية. وقال مدير المنظمة يوكيا أمانو، أثناء اجتماع مجلس الإدارة في فيينا، إن «هناك دلائل على عمل مفاعل في محطة يونغبيون النووية، فيما رُصدت أيضاً بوادر تدل على عمل الأجهزة المخصصة لتخصيب اليورانيوم في منشأة يونغبيون النووية».
في هذه الأثناء، طلبت الولايات المتحدة من بقية أعضاء مجلس الأمن الدولي التصويت على مشروع قرار معدّل لفرض الحزمة الثامنة من العقوبات على كوريا الشمالية. وفيما لم يُعرف الموقفان الرسميان للصين وروسيا، اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو)، كشف مسؤولون دبلوماسيون أن بكين وواشنطن ناقشتا إلى ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، تفاصيل الصيغة النهائية للمشروع الذي تطرحه واشنطن للتصويت. وقالت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة إن مشروع القرار يفرض عقوبات تستهدف قطاعات اقتصادية أخرى في كوريا الشمالية، غير تلك التي شملتها العقوبات السابقة، فضلاً عن أنها تستهدف الزعيم كيم جونغ أون نفسه بفرض حظر سفر عليه.
وبحسب وكالة «رويترز»، تشير مسودة القرار إلى أن الولايات المتحدة تطالب مجلس الأمن الدولي بفرض حظر نفطي على كوريا الشمالية، ووقف صادراتها الرئيسية من المنسوجات وفرض حظر مالي.

ندّد بوتين وميركل بشدة لتجاهل بيونغ يانغ قرارات مجلس الأمن الدولي

روسياً، ناقش الرئيس فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الموقف في شبه الجزيرة الكورية، وندّدا بشدة لتجاهل بيونغ يانغ قرارات مجلس الأمن الدولي. وصرّح الكرملين، في بيان بعد اتصال هاتفي بينهما، بأنه «جرى التأكيد على أن مثل هذه الخطوات تتعارض مع مبادئ عدم الانتشار الدولية، وتصنع تهديداً خطيراً للسلام والأمن في المنطقة». وقال الكرملين إن بوتين وميركل شددا على أنه «لا يمكن تسوية هذه الأزمة الخطيرة إلا من خلال الأدوات السياسية والدبلوماسية عبر استئناف المفاوضات بين كل الأطراف المعنية»، مضيفاً أنهما اتفقا على مواصلة الاتصالات بشأن الأزمة من خلال وزيري خارجية البلدين.‭‭ ‬‬
من جهته، أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية أن المستشارة أنجيلا ميركل عبرت، في المكالمة الهاتفية مع بوتين، عن دعمها لفرض عقوبات دولية أكثر صرامة على كوريا الشمالية. وقال شتيفن زايبرت، في بيان: «اتفقا على ضرورة حلّ النزاع بشأن السلاح النووي لكوريا الشمالية سلمياً».
وأضاف أن ميركل أبلغت بوتين أن حكومتها تدعم مجلس الأمن الدولي في مساعيه الملحة، لفرض مزيد من العقوبات على كوريا الشمالية بغية حثّها على تغيير مسار سياستها. وأشار زايبرت إلى أن ميركل رحبت باقتراح روسيا نشر قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة لحل الأزمة في أوكرانيا، لكنها شددت على ضرورة توسيع نطاق التفويض المقترح لصلاحيات هذه القوات. كما لفت إلى أن بوتين أبدى مؤشرات على عزمه بحث مسألة نشر قوات حفظ سلام دولية، ليس فقط عند خط التماس في منطقة دونباس، بل أيضاً في مناطق أخرى في شرق أوكرانيا لحماية مسؤولي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الذين يراقبون تطبيق معاهدة مينسك للسلام.

(الأخبار، رويترز، أ ف ب)