يبرز عمل فاطمة مرتضى مع غاليري «وادي فِنان» والقيِّمة ليندا ابو خاطر. فماذا تقول مرتضى للأخبار؟ وكيف تشرح عملها؟ و تقنياتها؟ «الجسد الانثوي هو عنصر اساسي وثيمة اساسية في عملي. لان الجسد بالنسبة لي ليس حقيقة، أو fact عينيّ. ليس فقط حقيقة بيولوجية ولكنه نظام كامل متكامل من عوامل لا منتاهية.
التاريخ هو أحد هذه العوامل التي تشكل العوامل الباقية مثل تجربتنا وجسدنا الذي ينمو ويختزن الاحداث والمواقف والخيال والاحلام والوظائف الخاصة بالجسد والاستراتيجيات بالاضافة إلى التفاعل مع المحيط، مع الفضاء الذي حولنا. وبالتالي أعتبر أن الجسد هو حقيقة سياسية اكثر مما هو حقيقة بيولوجية لانه تتضافر فيها كل العوامل التي ذكرتها آنفاً. يعني بالاستعانة بالفيسلوفة حنة آرندت أقول إنّ الجسد هو كالفضاء العام الذي يعكس الخطاب المنطوق والصامت على حد سواء. ويبقى في المحصلة أنّ الجسد بالنسبة لي أو البحث عن الجسد هو محاولة لفهم العالم الذي نعيش فيه. وبالتالي مع اعتبار الجسد هو معطى سياسي، أحاول عبر فني أن ابحث في الصراعات التي تلهب هذا العالم. والجسد لا يمكن الا ان يكون مجموعة تداعيات لهذه الصراعات الموجودة في هذه اللعبة الشيطانية التي نعيش فيها وهو هذا العالم. ولكن البحث بالجسد وخصوصاً الانثوي، كقيمة متعالية، لا يمكن أن تفهم بالنسبة لي من دون البحث العميق في الميثولوجيا بوجود الانسان مع الحيوانات. بحثي في الميثولوجيات القديمة وخاصة بمنطقتنا تحديداً العراق القديم ومصر القديمة والكنعانية، جعلني أجد تضافراً قوياً جداً بين الجسد الانساني والجسد الحيواني وعملية الدمج لأعضاء حيوانية كان لها رمز هام جداً في هذه الحضارات.
هذا الدمج من وجهة نظر ميثولوجية يدل إلى أي مدى العالم الحيواني أسس وجود البشرية بعالم المقدس. لذلك كانت الاعضاء الحيوانية أو الظهورات الحيوانية في الميثولوجيا القديمة تحيلنا إلى رموز مقدسة معينة من خلال رحلة بحث الانسان عن العالم المقدس و العالم الروحاني.
في اعمالي اعتمد على عناصر أهمها الثور والعنزة بشكل اساسي. واختيار هذين الحيوانين في الاساس يعيدنا مرجعياً الى القوة المؤنثة المقدسة الموجودة تاريخياً عند هذه الحضارات.
البحث في الميثولوجيا ما قبل البطريركية يعيدني الى عالم كان قائماً بالضدية عن العالم القائم الآن. بمعنى آخر سيطرة قوى الطبيعة والقوى المؤنثة المدمجة بقوة الطبيعة، على عكس سيطرة الاله البطريركي المتمثل حالياً بالعالم الرأسمالي الذي استبدل الاله البطريركي الديني برأس المال وقوى الانتاج و السوق الكبير وطحن الفردية.
من خلال استعادة هذه الأيقونات أو الأيقونوغرافيا الخاصة بهذه الميثولوجيا القديمة، التي انطلقت من بلادنا، أكون كأنني أضع في المواجهة، هذه القوى المؤنثة ضداً على العالم المتداعي الذي تعيش فيه. وكانه مقاومة. هو اعادة استحضار الافكار القديمة كشخص ساحر يستحضر الارواح القديمة كي يسألها: ما العمل؟ في مواجهة هذه القوى التي تشعل عالمنا بسفك الدم والحروب. حروب الغاز والنفط والظلم المتفشي في العالم، خاصة في البقعة التي نعيش فيها، أي بقعة الشرق الاوسط الملعون».
وفيما يتعلق بالتقنيات التي تعمل عليها مرتضى تشرح لـ «الاخبار»: «من الناحية التقنية، فإن الخيط هو العنصر الاساسي في اعمالي. بنظري ليس من الممكن انفصال التقنية عن موضوع البحث. وقد استمديت هذا العنصر من الانماط الانثوية للخلق والسحر في ميثولوجيا القديمة مثل ايزيس عند المصريين، ارانكي وبينيلوبي عند اليونان والجدة العنكبوت عند النفاجو سكان أميركا الاصليين.
الانتقال من الخط إلى الخيط ليس فعلاً عشوائياً وإنّما متعمد. الانتقال من التجريدي إلى العياني، أو بالاحرى الانتقال من التفكير إلى الفعل».