يستحق الممثل اللبناني حسان مراد (الصورة) التأمّل طويلاً في ما يقدّمه، وتحتاج تجربته إلى إمعان نقدي حقيقي. طالما أنه لم ينجر يوماً نحو الخيار التجاري الاستهلاكي، أو يذهب باتجاه الشهرة من أجل الشهرة ولو على حساب القيمة.
ظلّ الممثل الموهوب يحترم ما يقدّمه، وإن كان شغفه خُلق في السينما وحقّق نجاحاته هناك، إلا أن متطلبات العصر تحتاج التواجد بكثافة في التلفزيون. لكن مراد يفرض نفسه كقيمة فنية تضاف إلى العمل التلفزيوني، من ناحية أدائه العميق والمدروس. لمع مراد العام الماضي في «الهيبة» (هوزان عكو وسامر البرقاوي) رغم البروباغندا التي رافقت الثنائي تيم حسن وندين نجيم، وسحبهما حصة الاسد من نصيب الدعاية والحديث الإعلامي لأي مسلسل يجسدان بطولته. إلا أن مراد أجبر النقّاد على الالتفات إليه، كرقم صعب كأنه اختبر ملياً الفكر المافيوي. ثم مزج الدهاء والدبلوماسية التي يتمتع بها هؤلاء الأشخاص مع الهمجية الدموية. خرج رجل عصابات ومهرّب من نوع خاص أداه مراد برشاقة وخفّة ظلّ، بعيداً عن أيّ تصنّع أو مبالغة. كأنه تقمّص هذه الشخصية من روحها وبُعدها النفسي وذاكرتها البعيدة، ثم قفز نحو شكلها وهيأتها الخارجية. تجربته مع سامر البرقاوي لم تكن جديدة. سبق أن لعب معه دور في «لو» وإن لم تعلّم الضربة الأولى، فقد تركت التجربة الثانية أثرها البليغ. ابن الجنوب يحتفظ بمساحة خاصة لدمشق في نفسه، تجده في مقاهي شارع الحمرا غالباً مع أصدقائه السوريين، يستمع منهم بشكل شبه دائم عن نشرة أخبار حقيقة غير تلك التي تتصدر القنوات التلفزيونية، عناوينها العريضة تستمدّ من الحالة الإنسانية لما يحدث تباعاً للحرب. جوازه الكندي لم يسرق منه حماسه تجاه بلاده وقضايا شعبه الجوهرية. شغفه بالشام جعله يتلقى عرض مسلسل «هوا أصفر» (كتابة علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج أحمد إبراهيم أحمد- قيد التصوير) بشوق كبير، ليس لأن الدور نال إعجابه فقط، بل لأنه بات يملك سبباً مباشراً لزيارة دمشق، وهو ما فعله أخيراً. على مدار خمسة أيام، تواجد مراد في «عاصمة الأمويين» ليصّور دوره في العمل، وقد إحتفى به النجم وائل شرف بنشر صورة لهما معاً على صفحته على الفايسبوك مرحباً بزميله وصديقه في بلده الثاني. وسيعود مراد مطلع شهر تشرين الثاني (نوفمبر) ليكمل أداء هذا الدور، ومن ثمّ سينضم لفريق العمل عندما يسافر إلى بيروت حيث تدور بقية أحداث القصة هناك.
المسلسل يقدّم حكاية تأخذ من الهوى ما يعنيه من حالة الحبّ في أعلى درجاته، ثم تتّجه نحو أمراض فتّاكة تشبه الطاعون الذي اجتاح بلادنا! وفقاً لذلك، يعد الكاتبان بأن تخرج القصة من منطقها الروائي لتصل إلى حالة تشريحية خالصة يسوّرها المزاج التصاعدي والحبكة السلمية، بتحوّلها لما يشبه مبضع جرّاح يقتحم كواليس المنطقة العربية بأسرها، ويحلّل سبب غياب السعادة عن غالبية البيوت.