تُنفّذ المقدم سوزان الحاج، الموضوعة بتصرف المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، عقوبة مسلكية باحتجازها داخل منزلها لمدة عشرين يوماً بجرم مخالفة التعليمات العسكرية. الرئيسة السابقة لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية لم تردعها العقوبة، لتكرر مخالفة التعليمات العسكرية مجدداً بالادعاء على عدد من الإعلاميين والوسائل الإعلامية، من دون الرجوع إلى المديرية.
نسيت الحاج، ومعها وكيلها القانوني زوجها المحامي زياد حبيش، أنّه يمنع عليها الادّعاء بصفتها الشخصية في أمور تتعلق بالوظيفة، فسجلت مخالفة إضافية، لكون ادّعائها على كل من «الأخبار» ورضوان مرتضى وزياد عيتاني وأسعد بشارة يحتاج إلى موافقة مسبقة من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي التي يعود لها اتخاذ القرار بالادّعاء من عدمه.
منذ تعيينها في مركزها السابق عام 2012، بقرار من المدير العام الأسبق لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي، انطلقت الحاج على الساحة الإعلامية بشكل مكثف للحديث عن إنجازات افتراضية، قبل أن تنشط بشكل لافت على مواقع التواصل الاجتماعي، لتبدأ بنشر ما يراه القيّمون على مؤسستها «مخالفاً للتعليمات». وبحسب مصادر أمنية، فقد تم تنبيهها عشرات المرات، وتمت معاقبتها عدة مرات، من دون أن تعير التنبيهات والعقوبات أيّ اهتمام. وفي شهر تموز الفائت، تم استدعاؤها للتحقيق على خلفية قيامها بنشر توجيهات للمواطنين على حساب «تويتر» العائد لها. فقد عدّ ذلك مخالفة واضحة، وبنهاية التحقيق تمت معاقبتها بعقوبة مسلكية. ورغم العقوبة الاولى، أعادت الحاج الكرة لمرتين بعد التحقيق معها وقامت بنشر توجيهات للمواطنين على حساب التويتر الخاص بها، وصولاً الى وضعها تعليقات تهاجم فيها سياسيين وتتهمهم بالفساد. وفي التحقيق معها، لم تنكر الحاج أنها على معرفة بأنها تخالف التعليمات العسكرية، لكنها أصرّت على أن هدفها إرشاد المواطنين وتوجيههم سياسياً وتقنياً وحتى رياضياً، لكون ذلك يدخل في إطار حرية التعبير. حتى إنها ردّت لدى استجوابها عن سبب ظهورها في صورة مع رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف، بأن الاخيرة ليست شخصية سياسية.
قبل أيام، ادّعت الحاج على «الأخبار» بجرم قدح وذم وتشهير واختلاق جرائم وفبركة أحداث، وضمّنت شكواها أن «الأخبار اختلقت جرائم تتعلق بمخالفتها التعليمات العسكرية مراراً»، مدّعية أنّ ما قامت به يكفله الدستور اللبناني بشأن حرية الرأي والتعبير، ولا يخالف التعليمات العسكرية لقوى الأمن. وادّعت أنّها لم تُستدعَ إلى التحقيق مطلقاً على خلفية أي موقف، كما أنها لم تُنفّذ أي عقوبة. وعن صورها مع السياسيين، قالت إنها على مسافة واحدة من جميع السياسيين!
اشتبهت الحاج في أن المعركة معركة حريات، لترفع شعار مظلومية، فيما الحقيقة عكس ذلك تماماً. ورغم أنه مع قرار عزل المقدم الحاج من مركزها تعاطف كثيرون معها، بعدما نجحت الحاج في نفخ صورتها، إلا أن قضيتها، ببساطة، قضية ضابط اعتادت مخالفة التعليمات، مستندة إلى الحماية السياسية التي تحظى بها. وعندما «أخطأت» بحق الجهة السياسية التي تحميها، عبر تسجيل إعجابها بكلام يسخر من قرار الملك السعودي السماح للسيدات بقيادة السيارات، انزاحت من فوق رأسها مظلة الحماية.
التعليمات العسكرية التي تتهم المديرية الحاج بمخالفتها تحمل الرقم ٣٨١، وتتعلق بمسألة إنشاء عناصر وضباط قوى الأمن الداخلي حسابات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي بحيث يقومون بنشر صورهم ومعلومات عنهم. ولكون هذه الحسابات معرضة للاختراق، وهذا ما اعتبرته المديرية ثغرة في مجال المعلومات، حددت هذه التعليمات ضوابط استخدام عناصر قوى الأمن على شبكة الانترنت. وفضلاً عن أن المادة ٢٢٦ من القانون رقم ١٧ من تنظيم قوى الأمن الداخلي تنص على أنّ رجال قوى الأمن مقيّدون بالسر المهني حول ما يتصل بهم من معلومات بحكم عملهم، خالفت الحاج نص المادة الرابعة والخامسة من هذه التعليمات. إحداها تفرض على رجال قوى الأمن «عدم نشر أي منشور له طابع حزبي أو سياسي أو طائفي أو مذهبي، أو إبداء الرأي أو التعليق على مثل هذه المواضيع»، فيما الأخرى تشترط «عدم الظهور بأي مظهر غير أخلاقي أو غير لائق... أو الظهور بثياب غير محتشمة أو أثناء احتساء الخمور أو سواها أو نشر صور تدل على انتماء حزبي أو سياسي أو طائفي أو مذهبي».
تجاوزت الحاج حدودها المسكلية عشرات المرات. وتكفي تغريدتها المتملقة لحاكم دولة عربية قالت فيها: «وإذا حلم شعب أن يكون لديه قائد بحكمتك ورؤيتك فكيف له أن يصنعه؟ إنّ أقوالك أضحت كنسخة جديدة لكتاب «النبي» لجبران خليل جبران».
هذه مسألة. أما صورها التي تنشرها على تطبيق «انستغرام»، والتي تراها المديرية «غير محتشمة»، فاعتبرتها الحاج، خلال التحقيق معها، جزءاً من حياتها الشخصية. وقالت للمحققين: «صوري حازت قبول زوجي ورضاه، وهذا ما يهمني». وبنتيجة التحقيق، فُرضت عليها عقوبة بأن تُسجن في منزلها عشرين يوماً بحسب التعليمات العسكرية، ويُمنع عليها خلال فترة العقوبة أن تغادر منزلها أو أن يزورها أحد، في تدبير يُشبه الإقامة الجبرية. كما علمت «الأخبار» أن الحاج تخضع للمراقبة لجهة التزامها بالتنفيذ.