نكاد لا نعرف شيئاً عن الأدب الليبي الجديد! ماذا يُكتب في بلاد ما بعد اضمحلال الجماهيرية العظمى؟ وما هي أبرز الأصوات هناك؟ وفقاً للمختارات التي حرّرها خالد مطاوع (الصورة)، وليلى نعيم المغربي، تحت عنوان «شمس على نوافذ مغلقة» (مؤسسة آريتي للثقافة والفنون/ دار دارف للنشر) سنقع على27 كاتباً وكاتبة في مختلف الأجناس الإبداعية.
تنتمي نصوص معظم هؤلاء إلى ليبيا ما بعد الحطام، نصوص حائرة وخائفة ومرتبكة، على بعد خطوات من الموت والفقدان والذكريات المحطّمة. تلفتنا نصوص إيناس فارس في قدرتها على تفسير طبقات الجحيم، و«الأرواح المطحونة تحت سيف الموت»، فيما ترتطم نصوص حسام الثني بغبار اللحظة الملتهبة: «أنا كلبة أكتم نباح جرائي خشية مدفع هاوتزر يمشي في شارعنا»، و«أنا مواد الإغاثة سرقوني تحت جنح انقطاع الكهرباء».

مختارات تضم نصوص
27 كاتباً ينتمي معظمهم
إلى ليبيا ما بعد الحطام
من جهتها، ترصد راوية الككلي في سردياتها تحوّلات الشارع في بلاد باتت مقبرة جماعية: «حياة بأكملها، انتهت. شارع، وآخر، وآخر. تُعمّر الشوارع بمنازل ليموت أصحابها، هذه هي المقبرة؟». تكتب فيروز العوكلي الشعر والقصة، كأنها تعوّض ما ينقص قصائدها الكثيفة بفضاء سردي مفتوح للإحاطة بكل «هذا الخواء المدهش»، تلك الانعطافات المخيفة التي فرضتها الجماعات التكفيرية على هواء البلاد «بُعثرت اللحى في الوجوه». هذا الجهد الأنطولوجي الرصين سيختزل لاحقاً بفصلين من رواية «كاشان» التي حملت توقيع أحمد البخاري، وهو مدوّن يكتب بالعامية الليبية. التقط أحدهم عبارات من النص اعتبرها «ألفاظاً خادشة وشوارعية»، قبل أن يختطفها أحد الدعاة إلى منبر الجامع تحت بند الفجور، و«إفساد البلد المسلم وتلويثه»، وضرورة الضرب بيد من حديد ضد «كل من يتطاول على الدين الإسلامي». أسطوانة مكرّرة لحالات مشابهة جرت وقائعها في جغرافيات عربية أخرى، لكن المستغرب أن يستنفر هؤلاء ضد عبارة أو نص أدبي، في بلاد ممزّقة مثل ليبيا. نقرأ النص فلا نجد ما هو مثير ومستفز، أو يستحق كل هذا العراك والاتهامات ضد محرّر الكتاب وناشره. مجرد وصف وتمرينات سردية لحال القاع من جهة، ومشهديات لما يجري في العالم السرّي لطبقة أثرت في الحرب، من جهةٍ ثانية. تبّاً لقد كان القذافي مسليّاً أكثر من فتاوى أصحاب اللحى!