في الخامس من تموز الماضي، وفي خطوة استباقية للتشكيلات القضائية، اعتصم محامو بعلبك ـــ الهرمل أمام قصر عدل بعلبك، مطالبين بزيادة عدد القضاة في المحافظة بغية تسيير القضايا والملفات العالقة بالآلاف في قصر عدل مركز المحافظة. حينها، تدخل نقيب المحامين أنطونيو الهاشم، ووعد بأخذ المطالب على عاتقه، ومتابعتها والسعي الى تحقيقها مع وزير العدل سليم جريصاتي ومجلس القضاء الأعلى. وبحسب المعلومات المتداولة، فإن لقاءً عُقد قبل التشكيلات القضائية، ضم جريصاتي ونقيب المحامين وعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نوار الساحلي، وخلص إلى «وعد بأن تكون حصة بعلبك ــــ الهرمل 35 قاضياً في التشكيلات القضائية».
الساحلي عبّر لـ«الأخبار» عن «انزعاجه» من تقليص عدد القضاة في بعلبك ــ الهرمل في التشكيلات، إلا أنه أشار إلى أن الاجتماع الذي جمعه مع نقيب المحامين ووزير العدل أثمر مشروع مرسوم وقّعه وزير العدل وأحيل إلى رئيس الحكومة، تنفصل بموجبه محافظة بعلبك ــ الهرمل قضائياً عن زحلة مركز محافظة البقاع، وعندها يتم زيادة عدد القضاة فيصبح هناك قاضي تحقيق أول ومدعي عام ومحكمة جنايات ومحكمة ابتدائية واستئناف. ولفت الساحلي إلى أن المرسوم يعنى بمحافظتَي بعلبك ــ الهرمل وعكار، وأن المسألة باتت تحتاج إلى بعض الوقت ريثما يوقّع رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية المرسوم، نافياً ما يتم تداوله عن أن الاجتماع تم الاتفاق فيه على زيادة عدد القضاة إلى 35 قاضياً في بعلبك ــ الهرمل.
انتظر الجميع التشكيلات، إلا أن أياً من الوعود لم يتحقق، «ونقلتنا التشكيلات من تحت الدلفة لتحت المزراب»، بحسب أحد المحامين. إذ إن عدد القضاة تناقص بدل أن يزيد، وهو ما سينعكس على إنجاز المعاملات والملفات، مهما كانت قدرات القضاة الذين سيتولون معالجتها في قصر عدل بعلبك.
وبموجب التشكيلات الأخيرة، عيّن قاض منفرد مدني واحد لبعلبك (القاضي أحمد محمود)، وهو نفسه للهرمل ورأس بعلبك، بعدما كان هناك قاض منفرد مدني لبعلبك (القاضي علي سيف الدين) وقاض منفرد مدني وجزائي للهرمل ورأس بعلبك (القاضي علي الموسوي)، ما يعني، بحسب المحامين، أن القاضي محمود «الذي لا يملك منزلاً في المنطقة سيكون نفسه قاضياً لبعلبك والهرمل ورأس بعلبك، ومسؤولاً عن 18 غرفة موزعة بين بعلبك والهرمل ورأس بعلبك، ما يستدعي السؤال كيف سيكون أداؤه حتى مع جديته؟ ألا يعتبر ذلك إجحافاً بحق المحافظة وأبنائها؟».
وحتى بداية تموز الفائت، كان هناك أكثر من 5100 ملف قضائي أمام قاض منفرد جزائي واحد في بعلبك، وأكثر من 4400 ملف ونحو 10 آلاف محضر ضبط في خزائن قصر عدل بعلبك، فيما كان قاض منفرد واحد ينظر في ست غرف (مالية وعقارية وإيجارات وأحوال شخصية وأمور مستعجلة وتنفيذ). ومن البديهي أن عدد الملفات ارتفع خلال الأشهر الأربعة الماضية، ما يعني أن القاضي الحالي سيجد كمّاً هائلاً من الملفات القضائية في انتظاره.
المحامي دريد ياغي، نائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، أوضح أن محامي بعلبك ــــ الهرمل سينفذون اعتصاماً صباح اليوم أمام قصر عدل بعلبك، «بسبب الإهمال المتمادي لمطالب محامي المنطقة وعلى أثر التشكيلات القضائية الأخيرة والمجحفة بحق المنطقة وأهلها».
من جهته، أشار المحامي طارق عبدالله الى أن محامي بعلبك ــ الهرمل طالبوا بزيادة عدد المحامين العامين وقضاة التحقيق، «لنفاجأ في التشكيلات الأخيرة بتقليص عدد قضاة التحقيق من ثلاثة الى اثنين والإبقاء على محاميين عامين اثنين بعد استبعاد القاضي كمال المقداد». ولفت إلى أن التشكيلات أبقت على قاض منفرد جزائي واحد في بعلبك، ولكن بالانتداب (القاضية رندى الحاج شحادة)، وهي في الوقت نفسه مستشارة في محكمة استئناف الجزاء في بعلبك، «أي أنها هي التي تصدر الأحكام كقاض منفرد جزائي، وهي نفسها من يجب أن يصدر استئناف أحكامها كمستشارة في محكمة استئناف جزاء بعلبك! الأمر الذي يلزمها بالتنحي لأن الوضع مخالف للقانون»، كما يقول.
وأشارت مصادر مطلعة في قصر عدل بعلبك إلى أن محكمة استئناف بعلبك التي تنظر في القضايا المدنية كما الجزائية، إضافة الى وظيفتها كهيئة اتهامية، بقيت برئاسة القاضي حارس الياس وتم استبدال المستشارين فيها بآخرين موكلين بمهمات أخرى، «ما يجعل العمل في المحكمة معطلاً».
ويطالب محامو بعلبك ــ الهرمل بخطة متكاملة تليق بالقضاء في المحافظة، بدءاً من إنشاء قصر عدلي، مروراً بتعديل سريع لقانون التنظيم القضائي بحيث يصبح لبعلبك رئيس أول ومدعٍ عام وجهاز قضائي متكامل، وصولاً إلى تكليف قاضيين جزائيين على الأقل للمنطقة ومحاميين عامين وقاضيي تحقيق، والإيفاء بوعد إنشاء صندوق مالي في قصر عدل بعلبك، تيسيراً لأمور المحامين والعامة، مع استحداث محكمة جنايات وغرفة ابتدائية ودائرة تحقيق كاملة مع قاضي تحقيق أول وقضاة تحقيق، على أن يفصل الاستئناف المدني عن الجزائي واستحداث غرفة استئناف إضافية، فضلاً عن نائب عام ومحكمة سير وحتى سجل تجاري.