جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، انتقاداته تجاه دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة وألمانيا، معتبراً في الوقت نفسه أنّ «الشراكة الاستراتيجية» مع واشنطن يُمكن أن توضع على طاولة الدراسة. ورأى أيضاً أنّ الغرب يتعامل مع «الإرهاب» بـ«نفاق».
واستفاد الرئيس التركي من مشاركته في فعاليات المنتدى الأول للقناة التركية الرسمية الناطقة بالإنكليزية «TRT WORLD»، الذي أراد المسؤولون الأتراك تصويره على أنّه بمثابة «دافوس تركيا» أو «دافوس السياسة والإعلام»، ليُوجّه سلسلة من الانتقادات إلى «الشركاء الغربيين» أمام حوالى 400 شخصية عربية ودولية مشاركة.
وفي حوار أُقيم مع أردوغان في ختام المنتدى، انتقد الغرب لكونه «منافقاً في محاربته للإرهاب»، إذ إنّ شركاء تركيا «يغضون الطرف عن نشاطات إرهابية» يقوم بها وفقاً له «حزب العمّال الكردستاني» و«منظمة» الداعية فتح الله غولن.

دعونا نجتمع على شعار
أنّ العالم أكبر من خمس دول

وفي السياق، وجّه الرئيس التركي انتقادات مباشرة لواشنطن لدعمها «العمّال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» في إطار «الحرب على داعش»، مضيفاً: «توجّهت إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالتساؤل: هل من الحكمة القضاء على تنظيم إرهابي عبر تنظيم إرهابي آخر؟».
وعلى خطّ العلاقات مع واشنطن أيضاً، تناول الرئيس التركي أزمة التأشيرات الحالية مع الإدارة الأميركية، بقوله: «إذا كان السفير الأميركي لدى أنقرة (جون باس)، يُمكنُه البدء بحديثه بشأن العلاقات مع شريك استراتيجي (تركيا) بعبارة "أوقفنا التأشيرات"، ففي حينه أنا أضع هذه الشراكة الاستراتيجية على طاولة الدراسة».
الدولة الغربية الثانية التي طاولتها انتقادات الرئيس التركي، كانت ألمانيا، إذ إنّ بلاده «قدّمت للسلطات الألمانية 4500 ملف تتعلق بأشخاص مرتبطين بمنظمة بي. كا. كا. الإرهابية، من دون أن تتلقى رداً من برلين»، مضيفاً أنّ «هؤلاء جميعاً يتجوّلون بحرية في ألمانيا وأوروبا، رغم أنّ المنظمة مصنفة إرهابية على قوائم الاتحاد الأوروبي». وردّ أردوغان على الانتقادات الغربية بشأن تراجع معايير دولة القانون في تركيا، قائلاً: «هناك دول غربية تنتقد تطبيقنا للمعايير الديموقراطية، بالرغم من أننا أتينا إلى الحكم بصناديق الانتخاب»، مُذكِّراً في الوقت نفسه بأنّه في صيف 2016 «الكثير من الدول اتصلت بنا لتهنئتنا بالسلامة بعد أيام طويلة إثر التأكد من فشل الانقلاب».
على صعيد متصل، انطلق أردوغان من نظرته إلى العالم على أنّه «غير عادل» إذ «يُقدَّم فيه القوي كأنه صاحب الحق»، ليعيد رفع شعار قديم يعود في الأساس إلى التسعينيات، ويدعو إلى ضرورة تعديل منظمة الأمم المتحدة. وقال في هذا الصدد: «دعونا نجتمع على شعار أنّ العالم أكبر من خمس دول (في إشارة إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن)، إذا كنا على قدر المسؤولية في هذا العالم».
وكان مسؤولون أتراك قد انتقدوا خلال فعاليات هذا المنتدى الدول الغربية بمنطق أردوغان نفسه، إذ رأت، على سبيل المثال، مستشارته، غولنور أيبات، أنّ «الاضطراب موجود لدى الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط وفي استراتيجيتها»، موضحة أنّ واشنطن «تريد إعطاء الدور للاعبين المحليين، لكنها لا تستطيع الابتعاد عن الحكم (القائم)، وهذا هو الاضطراب في الاستراتيجية». من جهة أخرى، اعتبر رئيس الوزراء بن علي يلدريم، أنّ «تركيا شرقية وغربية بجغرافيتها وحضارتها، ولذلك لا يمكن تصنيفها، فهذا جهل كبير».
على صعيد آخر، تعهد الرئيس التركي أثناء استقباله نظيره النيجيري، محمدو بخاري، في أنقرة، أمس، بالعمل على تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي مع هذه الدولة التي تُعدُّ أكبر بلد أفريقي من حيث عدد السكان. وخلال المؤتمر الصحافي المشترك، أعلن أنّ بلاده «لا ترى فرقاً بين بوكو حرام و(داعش) ومنظمة فتح الله غولن»، مضيفاً أنّ «القتلة في هذه المنظمات يعيشون على دماء الأبرياء». وعند سؤاله «كيف يمكن لتركيا أن تساعد نيجيريا في محاربة بوكو حرام؟»، أجاب بأنّ «التعاون الاستخباري يحتلّ أهمية قصوى». من جهتها، علّقت وكالة «الأناضول» شبه الرسمية على هذا اللقاء، بالقول إنّ «تركيا التي تشهد علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة توتراً، تسعى إلى زيادة نفوذها في القارة الأفريقية عبر فتح خطوط طيران وبعثات دبلوماسية في العديد من البلدان هناك».
(الأخبار)