يوم الجمعة الفائت، لم يكن يوماً عابراً في رزنامة اللبنانيين. تاريخ جمع - وبالصدفة- حادثتين أعادتا فتح ملف الحرب الأهلية الذي لم يقفل بعد منذ 26 عاماً.
فيديو مسرّب لستريدا ستريدا، تتباهى فيه أمام رابطة آل طوق في سيدني، بكلام والدها عن زوجها سمير جعجع: «يا بنتي هالرجّال ما في منّو لأنو بشراني أصيل، ونزل دعوَسلي هالزغرتاوية تحت»، معيدة فتح في حفلة نكات وسخرية، جرح مجزرة إهدن، التي راح ضحتيها أفراد من عائلة فرنجية، وعشرات الزغرتاويين. تزامن ذلك مع صدور قرار «المجلس العدلي» غيابياً، بالإعدام على منفذ عملية إغتيال بشير الجميل حبيب الشرتوني، وتجريده من حقوقه المدنية. حادثتان كانتا كفيلتين بنبش ملف الحرب، وإعادة الإنقسام الى الشارع اللبناني ميدانياً وإفتراضياً كذلك.
حاولت جعجع على الفور، إمتصاص نقمة أهل زغرتا، بالإعتذار منهم، ومن «جرح مشاعرهم»، وإعتبار أن ما سرّب أتى مجتزئاً ولم يكن الغرض منه «التعرّض بأي شكل من الأشكال لأبناء زغرتا». لكن موجات الغضب المتلاحقة على المنصات الإجتماعية لم تهدأ، إزاء ما نطقت به النائبة اللبنانية، وبهذه الخفّة، لقضية لم تطو صفحاتها الى اليوم، وما زالت جرحاً مفتوحاً، كما باقي ملفات الحرب، وإعتبار جعجع ما ارتكبه زوجها من مجازر دموية مكان إعتزاز وتفاخر أمام رابطة عائلتها في العاصمة الأسترالية.
على الضفة الأخرى، أشعل قرار المجلس العدلي المتخذ بعد 35 عاماً على حادثة إغتيال الجميل، الجبهات الإفتراضية، وأنعش شاشات كـ lbci، و mtv، أعادت شرائط الحرب، ومجدّت ببشير «الحلم»، و «القائد»، واسترجعت عبر ندوات تلفزيونية مفتوحة، تاريخ هذا الرجل، وخطاباً اعتقد اللبنانيون أنه سقط منذ زمن، وطويت صفحته.
بين عبارات «العمالة»،و «البطولة»، وتراشق الإتهامات على منصات التواصل الإجتماعي، وإستفاقة «العدل» في لبنان، لإصدار حكم عن إغتيال حدث إبان الحرب الأهلية، لشخصية جدلية، وضعت يدها بيد العدو الإسرائيلي، إبان اجتياحه للأراضي اللبنانية، دارت رحى النقاشات وتبادل الإتهامات بين اللبنانيين. وربما النقطة الحاضرة هنا، التي لا يعرفها كثيرون، استرجاع ما ارتكبته «القوات»، و«الكتائب» بحق عائلة الشرتوني وطرق التعذيب والتنكيل، التي لحقت بها بدءاً من والديه اللذين انتشرت لهما صورة فوتوغرافية، وصولاً الى ابنة عمه نجاة، التي قتلت ورميت جثتها في الغابة إنتقاماً.