بغداد | في صورةٍ لم يعتدها العراقيون، أطلّ رئيس الوزراء حيدر العبادي، من كربلاء، كمواطنٍ يكنس شوارع المدينة، عقب انتهاء مراسم زيارة أربعين الإمام الحسين. طوال اليومين الماضيين، تصدّرت «مكنسة» العبادي اهتمامات العراقيين، على شبكات التواصل الاجتماعي، ليربطها عددٌ من الناشطين بخطابه الأخير حول «مكافحة الفساد»، واصفين العبادي بـ«كانس الفساد عن الدولة».
من كربلاء، حيث ظهر العبادي «مواطناً»، عاد لاحقاً ليظهر من موقعه رئيساً للحكومة الاتحادية، مطّلعاً على مجريات الزيارة المليونية (بلغ عدد الزوّار حوالى 15 مليون زائر)، ومجتمعاً بممثلي المرجع الديني علي السيستاني، عبد المهدي الكربلائي وأحمد الصافي.
ما كان لافتاً في زيارة العبادي «المفاجئة»، لقاوه بزعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر. ووصف عددٌ من المعلّقين ما جرى بأنه «أكثر من لقاءٍ سياسي عابر، وأقل من اجتماع»، مستندين ــ في تحليلهم، إلى «هالة الغموض والسرية، التي أحاطت باللقاء»، وخاصّةً أن مكتبَي العبادي والصدر لم يصدر عنهما أيّ بيانٍ أو توضيحٍ. معلومات «الأخبار»، تشير إلى أن «العبادي مكّلفٌ من حزب الدعوة بتحقيق تحالف انتخابي، مع التيار الصدري، بهدف خوض الانتخابات بقائمة واحدة»، مضيفةً أن الطرفين لم يتفقا على مرحلة «ما بعد الانتخابات»، ومن ضمنها «تشكيل الحكومة المقبلة»، والتي يُرجّح أن يكون العبادي رئيسها أيضاً. وتؤكّد مصادر «الأخبار» أن «مجلس شورى الدعوة» يحضّر لـ«طبخةٍ انتخابية»، بعد استكمالهم «قراءة مزاج الشارع العراقي»، مشيرةً ــ في السياق عينه، إلى أن «شورى الدعوة» في صدد إرسال كتابٍ إلى «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق»، يطالب بـ«منع تسجيل أي كيانٍ سياسيٍّ يحمل اسمه في الانتخابات»؛ في خطوةٍ استباقية لقطع الطريق على الأمين العام لـ«الدعوة» (رئيس الوزراء السابق) نوري المالكي، إذ ما قرر الانشقاق عن الحزب، أو الدخول في تحالفٍ خارج «إجماع إرادة شورى الحزب»، وهو خيارٌ مطروحٌ لدى المالكي، إذ تلمّح مصادره ــ في حديثها إلى «الأخبار»، إلى أن «خياراتنا مفتوحة».
هذه «المفاوضات» يقودها «عرّابٌ جديد»، استعان به الصدر بعد فشل جميع من خوّلهم واستعان بهم، وكان آخرهم نجل شقيقه الأكبر أحمد الصدر. وترفض المصادر الكشف عن هوية «الوسيط»، وهو أمرٌ استفزّ «الهيئة السياسية» الخاصّة بـ«التيّار»، و«كتلة الأحرار» (الكتلة النيابية التابعة لـ«التيّار»)، وخاصّةً أن الصدر، خلال الفترة الأخيرة، نقل اجتماعاته ولقاءاته السياسية إلى كربلاء بدلاً من النجف أو بغداد. وبالرغم من تلميح أكثر من مصدرٍ إلى أن «العرّاب/ الوسيط» هو جعفر الصدر (أخو زوجة مقتدى، وابن مؤسس «الدعوة» محمد باقر الصدر)، إلا أن مصادر الصدر، «تنفي نفياً قاطعاً وجود عرّابٍ أو وسيط»، معتبرةً في حديثها إلى «الأخبار»، أن «الرجلين ليسا بحاجةٍ إلى أي وسيط، فالاتصالات الثنائية بين الرجلين لم تنقطع».
ولفتت المصادر إلى أن العبادي في صدد تقديم «عرضٍ» للصدر، يرتكز على منح «سرايا السلام» دوراً أكبر في الأجهزة الأمنية، في مرحلة «ما بعد داعش»، ما يفسّر تصريحات الصدر المتكررة عن حلّ «السرايا»، ودمجها بالجيش العراقي بعد انتهاء المعارك، فضلاً عن «تقييد الحشد الشعبي»، تحت شعار «الإصلاح وحصر السلاح بيد الدولة».
بدورها، فإن مصادر العبادي تشيد تصريحات الصدر الأخيرة، ومواقفه الداعمة للعبادي، منذ معارك «قادمون يا نينوى»، مفضّلةً في حديثها إلى «الأخبار» الابتعاد عن حديث «التحالفات الانتخابية»، فـ«الوقت لا يزال مبكراً للحديث عنه». ولا تنفي المصادر إمكانية إبرام هكذا «تحالف»، في الانتخابات أو تحت قبّة البرلمان، استناداً إلى «تقارب وجهات النظر بين الطرفين» من جهة، و«العمل على تشكيل تكتّل نيابيٍّ كبير وحكومةٍ قويّة» من جهةٍ أخرى.
وتفسّر المصادر خيار الصدر نظراً إلى وضع تيّاره «المفتقر إلى تمويل»، وحاجته إلى «حليفٍ قوي». فقرارات الصدر الأخيرة بإغلاق «الهيئة الاقتصادية»، ومنع مقرّبية والمحسوبين عليه من «ممارسة أي عملٍ تجاري أو اقتصادي»، بعد تزايد الشكاوى عن تورطهم بعمليات فساد. وتنقل المصادر أن الواقع الحالي «دفعه لفتح باب التمويل، من دون الإفصاح عن شكله أو مصادره».




100 مليار دولار خسائر احتلال «داعش»

كشف رئيس الوزراء حيدر العبادي، عن الخسائر التي تكبّدها العراق خلال ثلاث سنوات من سيطرة تنظيم «داعش» على مساحات واسعة من البلاد.
وفي تصريح صحافي، في محافظة كربلاء، قال إن «خسائر العراق تضاعفت إلى أكثر من مئة مليار دولار، وهي كلفة التدمير الاقتصادي والبنى التحتية، فقط»، مضيفاً أن «العملية التي تقوم بها القوات الأمنية حالياً ليست في مناطق سيطرة التنظيم، بل هي مناطق صحراوية كبيرة ومفتوحة وتحتاج إلى تطهير».
(الأخبار)