القاهرة | يعكف وزير التربية والتعليم طارق شوقي على تطبيق استراتيجية جديدة للتعليم في مصر بداية من العام الدراسي المقبل، هدفها الرئيسي إحداث تغيير جذري في منظومة التعليم في البلاد، «من أجل تحقيق نهضة تعليمية تبدأ آثارها مع الجيل الذي ينهي مرحلة التعليم الأساسي بحلول 2030»، وذلك بالتزامن مع محاولة «إنقاذ» الأجيال التي أوشكت على هذه المرحلة بتغييرات جذرية أيضاً في نظام التعليم الثانوي المؤهل للالتحاق بالجامعات.
برغم تحضير وزارات مصرية عدة «استراتيجيات 2030» بشكل يقترب من الواقع، على أن يبدأ جني الثمار خلال سنوات قليلة، إلا أن الاستراتيجية الخاصة بالتعليم تحمل الكثير من الخطورة والطموح، ولا سيما في ظل تخوفات الأسر من تطبيق أنظمة لا تضمن تحقيق عدالة بين الطلاب بعدما باتت منظومة التعليم، ولا سيما الحكومي منه تعاني خللاً واضحاً فيها، ما دفع القادرين إلى إلحاق أبنائهم بالمدارس الدولية والخاصة.
يتعامل شوقي مع ملف التعليم في مصر بإيقاع سريع يثير مخاوف البعض منه، وخصوصاً أن تجربة المدارس اليابانية التي تبناها الرئيس عبد الفتاح السيسي وطلب تنفيذها في وقت قياسي توقفت بعد أسبوع واحد فقط من بدايتها بسبب مشاكل في الدعم اللوجستي ونقص في التجهيزات، وتأجل تنفيذ المشروع عاماً كاملاً.
يمكن وصف المشروع بـ«الثورة» التي ستفضي إلى إتاحة الاستعانة بالكتب في الامتحانات لتكون على طريقة الامتحانات العالمية، بالإضافة إلى احتساب درجات الثانوي بناءً على تقييمات عديدة تؤهل للجامعات وليس على مجموع عام واحد فقط، كما هو الآن.
يسعى الوزير الذي تخرج في الجامعة الأميركية إلى تطبيق نظام تعليم لا يمتلك المعلم فيه القدرة الوحيدة على الطالب، خطوة يهدف من خلالها إلى إعادة توجيه الإنفاق على الدروس الخصوصية ليستخدم في مخصصات تعليمية أخرى.

يبدو المشروع حتى الآن أكبر من إمكانيات معظم المدارس المصرية

فالنظام الذي كشف بعض ملامحه خلال جلسات منتدى شباب العالم والذي سيبدأ تطبيقه من العام المقبل «يضمن استغلال المواهب والقدرات ليس فقط للطلبة، ولكن أيضاً للمعلمين الذين سيخضعون لتدريبات مكثفة خلال الفترة المقبلة عبر الأكاديمية المهنية للمعلمين».
ستبدأ تغييرات جذرية من العام الدراسي المقبل، تتضمن إدخال «بنك المعرفة» الذي أطلق قبل نحو عامين في المناهج الدراسية، والاعتماد على البرمجة والتطبيقات في التفاعل بين الطلاب والمواد العلمية التي يتلقونها مع شراء حقوق امتحانات وأنظمة إلكترونية، لا يكون للعنصر البشري دور فيها بشكل كبير، في مقابل تعلم تدريبات جديدة والتطبيق عليها في الامتحانات.
صحيح أن المشروع يبدو حتى الآن أكبر من إمكانيات معظم المدارس المصرية التي لا يتوافر فيها سوى جهازين أو ثلاثة للحاسوب فقط، إلا أن وزير التعليم يؤكد أن التطبيق سيكون على جميع المدارس بلا استثناء وبلا فترة اختبارية للأنظمة الجديدة التي ستغير شكل التعليم المصري في حال تطبيقها بعد سنوات من الجمود.
ولن تكون صدامات المشروع الجديد مع الأهالي الذين يخشون من عدم قدرتهم على التعامل مع التكنولوجيا، فحسب، ولكنها ستكون أيضاً مع المعلمين الذين بدأوا في تلقي تدريبات أخيراً على استخدام «التابلت»، لكن بعضهم غير مؤهل. فيما يخشى البعض الآخر من تأثير النظام الجديد على الدروس الخصوصية، التي تتوقع الوزارة القضاء عليها في غضون سنوات قليلة بعد تطبيق هذا النظام.