غادر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الفيليبين، أمس، من دون أن يشارك في قمة شرق آسيا السنوية بسبب إرجاء مواعيد الاجتماعات. وأقلعت الطائرة الرئاسية من مطار نينوي أكينو في مانيلا، بعد ظهر أمس في ختام رحلته التي قادته إلى اليابان وكوريا الجنوبية والصين وفييتنام والفيليبين. وقبيل مغادرته، قال الرئيس الأميركي، للصحافيين: «صنعت أصدقاء كثراً على أعلى مستوى». وأضاف: «أعتقد أن ثمار عملنا ستكون مذهلة».
وتابع: «أوضحنا أن الولايات المتحدة منفتحة على التجارة، ولكن التجارة المتوازنة». وشغل الملف النووي الكوري الشمالي حيِّزاً كبيراً من الرحلة التي لقي خلالها ترامب استقبالاً حافلاً.
وفي كل محطة من محطات الجولة، عبّر الرئيس الأميركي عن رغبته في إعادة التوازن إلى المبادلات التجارية مع هذه المنطقة من العالم، ودعا ــ من دون أن يحقّق نجاحاً كبيراً ــ إلى فتح الأسواق الآسيوية بنحو أكبر أمام الشركات الأميركية. وأكد ترامب، الذي بدأ جولته من اليابان، أنه أحرز تقدماً خلال الرحلة نحو هدفه المتمثل في خفض العجز التجاري الأميركي مع دول المنطقة. وعقد ترامب صباح أمس لقاء قصيراً مع قادة دول شرق آسيا، وغادر مانيلا حتى قبل التقاط الصورة الجماعية التقليدية للقمّة التي يشارك فيها قادة الدول الـ18، وقبل حفل الافتتاح.
وكان ترامب ينوي التغيّب عن القمة، إلا أنه تراجع بعد توجيه انتقادات إليه بأنه يدير ظهره للمنطقة. وقد مثّله وزير الخارجية ريكس تيلرسون خلال القمة التي استمرّت خلال المساء.
ويحضر القمة ممثلون عن الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا العشر، إضافة إلى أوستراليا والصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وروسيا، إلى جانب الولايات المتحدة. وتحدث ترامب عن لقائه مع نظيره الفيليبيني رودريغو دوتيرتي، أمس، وعبّر عن ارتياحه لما حققه من قطيعة في سياسة سلفه الرئيس باراك أوباما الذي «كان لديه الكثير من المشاكل» مع مانيلا، كما قال. وقال: «من المهم جداً أن نقيم علاقات جيدة مع الفيليبين، وهذه هي الحال اليوم». واستُقبل ترامب، خلال الجولة التي هيمنت عليها الأزمة الكورية الشمالية، بحفاوة في اليابان وكوريا الجنوبية، حيث انتقد مراراً نظام بيونغ يانغ. وفي الصين، عقد البيت الأبيض اتفاقات تجارية تبلغ قيمتها أكثر من 250 مليار دولار. إلا أن محللين أشاروا إلى أن العديد من الاتفاقات هي عبارة عن مذكرات تفاهم غير ملزمة. وخلال قمة إقليمية في فيتنام، عاد ترامب ليفتح ملف كوريا الشمالية، في ما عدّه مساعدوه جزءاً من استراتيجيته لتشكيل جبهة دولية لحثّ بيونغ يانغ على التخلّي عن برنامجها التسلحي. لكن أطلّت مسألة التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، عام 2016، في الواجهة مجدداً عندما بدا ترامب وكأنه يقر تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن موسكو لم تتدخل.
وفي السياق، استجوب الكونغرس الأميركي، أمس، وزير العدل جيف سيشنز مجدداً في هذه القضية، وما إذا كان هناك فعلاً تواطؤ بين موسكو وفريق الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب الرئيس الحالي. وسيشنز الذي قلّما تحدّث علانية عن هذا الموضوع البالغ الحساسية، سيجيب عن أسئلة لجنة الشؤون القضائية في مجلس النواب بأعضائها الجمهوريين والديموقراطيين. وكان سيشنز قد دعم، في وقت مبكر نسبياً، ترشّح ترامب في بداية 2016 عندما كان يشغل مقعداً عن ولاية ألاباما في مجلس الشيوخ. ويُتوقّع أن يوضح سيشنز علاقاته مع جورج بابادوبولوس، الذي كان مستشاراً في حملة ترامب، واعترف بأنه كذب على محققي مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي). وكان سيشنز قد أكد، خلال جلسة الاستماع إليه لإقرار تعيينه، أنه لم يجرِ أي اتصال مع مسؤولين روس خلال الحملة. لكنه اعترف بعد ذلك بأنه أجرى محادثات مع سفير روسيا في الولايات المتحدة، ما اضطره إلى التراجع عن أقواله في التحقيق بشأن تدخل روسيا الذي يترأسه المدعي الخاص روبرت مولر.
وفي غضون ذلك، نشر دونالد ترامب جونيور، نجل الرئيس الأميركي، سلسلة تغريدات عبر موقع «تويتر»، تتضمّن مراسلاته مع «ويكيليكس»، خلال حملة انتخابات الرئاسة الأميركية العام الماضي. وكتب ترامب الابن، عبر تويتر، قائلاً: «ها هي السلسلة الكاملة من الرسائل مع ويكيليكس، (مع ثلاثة ردود ضخمة مني)، التي اختارت واحدة من لجان الكونغرس تسريبها بنحو انتقائي. يا لها من سخرية!».
ونشر ترامب الابن تغريدات مرفقة بلقطات لمحتوى الشاشة لرسائل مع «ويكيليكس» عبر حسابه في «تويتر»، تتضمّن معلومات عن مؤسسة سياسية روّجت شائعات حول صلات ترامب المزعومة بروسيا، وطلب التعليق على تصريح للمرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، عبّرت فيه عن رغبتها في القضاء على مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج باستخدام طائرة دون طيار. وشملت الرسائل، أيضاً، طلبات من ترامب جونيور ليفرج عن سجلات العوائد الضريبية لوالده المرشح الرئاسي، آنذاك، دونالد ترامب.
وتقول إحدى رسائل «ويكيليكس»: «مرحباً دون (في إشارة إلى دونالد الابن) لدينا فكرة غير عادية، دعنا نتعرف إلى عوائد أبيك الضريبية»، وتتحدث رسائل تالية عن «مزايا» فعل ذلك بالنسبة إلى كل من حملة ترامب وموقع «ويكيليكس». يذكر أن دونالد ترامب جونيور ممّن طاولهم تحقيق الكونغرس في قضية التواطؤ المزعوم مع روسيا، خلال حملة والده الانتخابية عام 2016.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)