فيما يجدّد الرئيس العراقي فؤاد معصوم، دعواته إلى البدء «الفوري» بحوار ثنائيٍّ لحلّ الأزمة بين الحكومة الاتحادية وأربيل، فإن خطابين متناقضين خرجا في عاصمة «الإقليم»، بالتوازي مع إعلان بغداد وجود «دفترٍ جديدٍ لشروط الحوار»، إلى جانب الشرط الرئيسي بإلغاء الاستفتاء.ودعا معصوم، أمس، إلى «رفع الحظر الجوي المفروض على الرحلات الدولية من إقليم الشمال وإليه، وعودة الحياة إلى طبيعتها»، مؤكّداً ضرورة «البدء فوراً بحوار ينزع فتيل الأزمة الناجمة عن استفتاء الانفصال الباطل، وأساسه الدستور العراقي». ورحّب معصوم، في بيانه، بـ«إعلان حكومة الإقليم التزامها بتفسير المحكمة الاتحادية»، مشيداً ــ في الوقت عينه، بـ«إعلان الحكومة العراقية التزامها بسداد رواتب موظفي الإقليم، وتخفيف القيود على المصارف الخاصة به». وتأتي دعوات معصوم في إطار استثمار «التراجع التدريجي» لأربيل، وعودتها «البطيئة» إلى عباءة بغداد، مع توقّع أبرز قيادات «الاتحاد الوطني الكردستاني» نصرالله سورجي، إعلان «الإقليم» إلغاء نتائج الاستفتاء، بعد صدور قرارٍ مرتقبٍ من «المحكمة الاتحادية» حول نتائج الاستفتاء، في العشرين من الشهر الجاري.

معصوم، المنتمي إلى «الاتحاد»، يعكس في بيانه موقف السليمانية، وقيادة الحزب بضرورة إلغاء الاستفتاء ونتائجه، إلا أن هذا القرار لا يصدر بجانبٍ أحادي بمعزلٍ عن إرادة أربيل، وهو ما عبّر عنه سورجي في تصريح صحافي بالقول إن «إلغاء نتائج الاستفتاء بحاجة إلى قرارٍ جماعي من الأحزاب الكردية في الإقليم، مثلما تم الاستفتاء على أساس قرار الأحزاب الكردستانية»، متوقّعاً أن «تعلن حكومة الإقليم إلغاء نتائج الاستفتاء بعد قرار المحكمة الاتحادية، في ظل ضمانات من الحكومة الاتحادية وبإشراف الولايات المتحدة الأميركية».
الخطاب الإيجابي، الذي تقوده السليمانية، والمشجّع وفق منظار بغداد، يقابله تمسّك أربيل بالاستفتاء ونتائجه، وذلك وفق تصريحات المستشار الإعلامي لزعيم «الحزب الديموقراطي الكردستاني» (مسعود البرزاني) كفاح محمود، الذي شدّد على أن «نتائج الاستفتاء لم تعد ملكاً لشخص، ولا تستطيع أي سلطةٍ إلغاءها»، معتبراً أن على «العالم احترام إرادة ستة ملايين كردستاني». هذا الخطاب السلبي تجاه بغداد، يفرض على القوى الكردية إعادة ترتيب أوراقها، كي تخرج بخطاب متجانس أمام بغداد، في المرحلة المقبلة «المفترضة»، أي الحوار.
وكان لافتاً أمس، الاجتماع الذي شهدته السليمانية، والذي ضم قياداتٍ رفيعة من «الديموقراطي الكردستاني»، و«حركة التغيير» لمناقشة التطورات الأخيرة في «الإقليم»، وإنهاء القطيعة بين الطرفين، وقد رشح عن الاجتماع أن «التغيير»، اقترحت على وفد «الديموقراطي» تبنّي مشروع «تشكيل حكومة مؤقتة في الإقليم، للإشراف على انتخابات كردستان، والمتوقع إجراؤها في نيسان 2018»، إضافةً إلى «تشكيل وفدٍ يمثّل جميع القوى السياسية في الإقليم، للتفاوض مع بغداد بشأن تداعيات الاستفتاء، وحل القضايا العالقة بين حكومتي المركز والإقليم».

الخطاب الإيجابي الذي تقوده السليمانية، يقابله تمسّك أربيل بالاستفتاء ونتائجه


وبين الخطابين الكرديين، خرجت بغداد أمس، بإعلان عن وجود «شروط جديدة» للبدء في الحوار، وحسم الخلافات. وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي، إن هناك «شروطاً جديدة يجب أن تتوفّر، وتتحقّق على الأرض لإيجاد أجواءٍ مناسبة للحوار السياسي»، مضيفاً أن «بعض الشروط تتعلّق بالحوار في الجوانب الأمنية والعسكرية والفنية». واعتبر أن «توصل الحوارات الفنية والأمنية والعسكرية، إلى الحلول، سيكون عاملاً مساعداً في تهيئة الأجواء، ومقدمةً راسخة ومتينة للحوار السياسي الذي يمكن أن ينشأ لاحقاً»، داعياً حكومة «الإقليم» إلى «التعاون مع الحكومة الاتحادية لتطبيق وفرض سيادة الدولة، وأحكام الدستور بشأن الملفات المتعلقة بالثروة النفطية، والحدود، وإدارة المنافذ الحدودية».
وحتى أمس، ورغم الحديث الذي تصدّر الأسبوع الماضي، عن إمكانية زيارة وفدٍ كردي للعاصمة العراقية، فإنه «لا اتفاق سياسيّاً على اللقاء»، وفق الحديثي، في وقتٍ تبدي فيه المؤسسات الرسمية الكردية حرصها على إطلاق الحوار. إذ هدّدت سكرتيرة «برلمان الإقليم» بيكرد الطالباني، بأن الأكراد قد «ينسحبون من العملية السياسية العراقية، في حال رفض بغداد الجلوس إلى طاولة التفاوض مع أربيل»، مشيرةً إلى أن «رئاسة البرلمان أجرت لقاءات مع كل الأطراف السياسية، وستحاول أن يكون للأكرد موقف موحد أمام بغداد».
(الأخبار)