المشاهد للوثائقي القصير (18 دقيقة) «أجراس العودة فلتقرع»، الذي عرض يوم الجمعة الماضي، على mtv، يخال أن العمل يتحدث عن شخصية إستثنائية، وتاريخية تتعلق بالقضية الفلسطينية. وإذ بنا، أمام فيلم قصير يتناول مسيرة سعد الحريري في دهاليز السياسية اللبنانية، منذ إغتيال والده الى اليوم.
العنوان استعاره معدّ العمل جان نخول من أغنية فيروز «أجراس العودة فلتقرع» المهداة بالأصل الى شعب فلسطين، وحاول إسقاطها على الحريري، بقوله في ختام الفيلم: «بعد نصف قرن (على قضية فلسطين)، قضية مركزية مختلفة بحجم وطن (الحريري)». ساوى نخول بين قضية شعب وارض، نعم تجاوز عمرها نصف قرن من العذابات والمجازر والتنكيل من قبل العدّو الإسرائيلي. لكن، ما هذه السخافة بوضعها على قدم المساواة مع الحريري؟
لا نعرف النفس الإبداعي الذي أخذ المعدّ الى هذه النقطة. أراد أن يبجل بالحريري وبمساره الإعتدالي، منذ إغتيال رفيق الحريري، مروراً بمتابعة مسار «المحكمة الدولية»، وصولاً الى أحداث 7 أيار، التي كما قال الشريط «غلّب فيها مصلحة أهل بيروت ولبنان على الإنتقام». محطات عدة تنقل العمل بينها سريعاً من إغتيال محمد شطح، الى علاقات الحريري بدول القرار مع التأكيد على «تحييد لبنان عن الصراعات العالمية».
طبعاً، خصص الفيلم، جزءاً وافراً لإمتداح السعودية، التي «تضع لبنان من ضمن أولوياتها»، و«تدعم مؤسساته الرسمية»، و«تعزز قدرات الجيش بأكبر الهبات» وفق ما ورد. ولم ينس التذكير بأن المملكة تريد «صون الإستقرار» في لبنان، وشكلت «مبادراتها» المتكررة «عموداً فقرياً» في الحياة اللبنانية.
وبين الغلو في تقديم الحريري كشخصية إستثنائية، وإمتداح وافر للسعودية، لم يخبرنا الشريط لماذا يعود الحريري اليوم؟ ومن أين؟ ولماذا؟ هل كانت محتجزاً ليعود؟ ما الذي حصل معه هناك؟ كل هذه الأسئلة تغيب، لصالح بتر في السياق، يقدم مادة ترويجية، تركب على قضية سامية كقضية فلسطين، وتستعير حتى أغنيتها الشهيرة لتصنع منها مادة هشّة، وغير مقنعة البتة.