عند الحديث عن ريال مدريد الإسباني فإن الاهتمام يتركّز على البرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيما والويلزي غاريث بايل وسيرجيو راموس وغيرهم ممن تُسلَّط عليهم الأضواء ويقفون في الواجهة، لكن ثمة لاعب في الظل يقدّم عطاء لا محدوداً وشكّل وجوده إضافة كبيرة للريال...
إنه البرازيلي كاسيميرو.
فعلاً، ثمة دور مهم لعبه كاسيميرو في عودة الريال إلى الريادة الأوروبية والمحلية في الأعوام الثلاثة الأخيرة. أرقامه تتحدث عن ذلك ومجهوده الوافر في وسط الملعب يحكي عن ذلك وحتى أنه لا يبخل بتسجيل الأهداف تماماً كما فعل في المباراة أمام ملقة أول من أمس ليصبح رصيده 3 أهداف في «الليغا» هذا الموسم أي أنه سجل هدفاً أكثر من رونالدو وبنزيما وبايل رغم أن دوره دفاعي بحت، وللتذكير فإنه سجل هدفاً في مرمى يوفنتوس الإيطالي في نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي كما أنه سجل هدفاً في مرمى مانشستر يونايتد الإنكليزي ليساهم بفوز الريال بكأس السوبر الأوروبية الأخيرة.

ولد كاسيميرو في أفقر أحياء منطقة ساو خوسيه دوس كامبوس البرازيلية


هذه الأهداف هي مساهمة إضافية من كاسيميرو إذ إن مدربه الفرنسي زين الدين زيدان يقول في إحدى المرات بأن لاعبه البرازيلي لا يقوم في التمرينات بالتدرب على التسجيل أي أن «زيزو» لا يطلب من كاسيميرو التسجيل بل إن الأخير لا يتوانى عندما تسنح الفرصة أمامه لمحاولة إصابة الشباك.
وبالحديث عن زيدان فإنه السبب الرئيسي في بروز كاسيميرو عندما اعتمد عليه عند تسلمه مهمة تدريب الريال بعد أن لازم البرازيلي مقعد الاحتياط عند قدومه عام 2013 في فترة البرتغالي جوزيه مورينيو ليعيره «الميرينغيز» إلى بورتو البرتغالي حيث لفت الأنظار هناك ولعب دوراً في وصوله إلى ربع نهائي دوري أبطال أوروبا ما دفع الريال إلى استرداده في 2015 إلا أنه رغم ذلك لم يلق فرصته مع المدرب السابق رافايل بينيتيز حتى وصول زيدان. إذ إن الفرنسي وجد في كاسيميرو «(كلود) ماكيليلي جديد» نظراً لتجربته مع مواطنه عندما كان لاعباً في الريال ومنتخب فرنسا فأوكل إليه الدور ذاته.
هكذا فإن كاسيميرو أوجد توازناً كان مفقوداً في وسط الريال وشكّل إلى جانب الألماني طوني كروس والكرواتي لوكا مودريتش ثلاثياً يعدّ مصدر قوة الفريق، حتى أن وجود البرازيلي خفّف الحمل الدفاعي عن زميليه ليواكبا الهجوم، لكن، للمفارقة، فإنه أكثر تسجيلاً منهما.
غير أن وراء هذا المجهود والثبات في المستوى الذي يقدّمه كاسيميرو ثمة إرادة وتصميم وطموح تحدثنا عنهم طفولة هذا اللاعب الذي بدأ من العدم ليصبح الآن لاعباً لريال مدريد وزميلاً لرونالدو وبايل وبنزيما وغيرهم من النجوم. هناك في أفقر أحياء منطقة ساو خوسيه دوس كامبوس في ولاية ساو باولو بدأت الحكاية حيث ولد كاسيميرو وعاش طفولته مع والدته وأخويه دون والده الذي تركهم لتضطر الوالدة إلى العمل من أجل إعالة الأسرة.
من مشاهد تلك الطفولة القاسية أن الغرفة التي كانت تعيش فيها الأسرة لم تكن تتسع لمبيت أربعة أشخاص فيها ما كان يضطر كاسيميرو للذهاب ليلاً والمبيت عند عمته أو جدته. والمرة الأولى التي أصبح فيها لكاسيمرو غرفة له كانت في نادي ساو باولو عندما التحق بصفوف ناشئيه.
هي الكرة من ابتسمت لكاسيميرو، وبالطبع لأسرته، لتنتشلهم من ذلك البؤس، لكن بالتأكيد فإن لاعب ريال مدريد لا يزال رغم وصوله للشهرة مرتبطاً بالحي الذي ولد فيه وعانى فيه الفقر، فلولا ذلك الحرمان الذي عاشه كاسيميرو لما ثابر وتحدّى المشقّات ليصل. شخصية كاسيميرو القتالية في الملعب وأداؤه الذي يتّسم بالتصميم والمثابرة هو انعكاس لحقيقة شخصيته المكافحة.