موعد جديد ضُرِب لأهالي طفيل للعودة إلى بلدتهم. اليوم عند الثامنة صباحاً يفترض أن يجتمع في دار الإفتاء في مدينة بعلبك ما يقارب مئة عائلة لبنانية وسورية قادمة من مخيمات بلدة عرسال، تمهيداً لانطلاقهم في رحلة العودة إلى بلدتهم التي هجَروها منذ أكثر من ثلاث سنوات، بعد أن احتلتها الجماعات الإرهابية التي كانت تقاتل على طرفي الحدود اللبنانية ــــ السورية.
من غير الممكن التكهن بما إذا كانت رحلة العودة ستتم أو لا، رغم التأكيدات العسكرية والأمنية لذلك. فأبناء القرية اللبنانية الحدودية الواقعة في أقصى شرق السلسلة الشرقية، سبق أن حُدِّدت «الساعة الصفر» لهم للانطلاق باتجاه بلدتهم، على إثر إعلان حزب الله، بداية أيار المنصرم، تحرير كامل الأراضي المحيطة بالبلدة من سبنا ومزرعة درّة وسهل رنكوس في الأراضي السورية. إلا أن رحلة العودة كانت تتعثر بذرائع متعددة، رغم أن حزب الله سلّم الطريق المؤدية إلى البلدة، ومحيطها، للجيش اللبناني منذ ذلك الحين.

أُقِرَّت 9 مليارات
ليرة لطريق طفيل
الذي يحتاج إلى 28 مليون دولار


التطور هذه المرة تمثّل بتدخل تيار المستقبل، لتسهيل العودة، رغم أن البعض جهد على مدى الأشهر الماضية لتذليل عقبات العودة السياسية والأمنية، وحتى مع وزارة الأشغال، وما يتعلق بالطريق من بريتال باتجاه السلسلة الشرقية، إلا أنهم كانوا يصطدمون دائماً «بقرار خفي» يحول دون العودة، بحسب ما تؤكد مصادر مطلعة لـ«الأخبار». وقبل أربعة أيام فقط، طلبت لوائح اسمية بالأشخاص اللبنانيين والسوريين الذين ينوون العودة إلى بلدتهم، على الرغم من أن ذريعة عدم إنجاز الطريق المؤدية من بريتال إلى جرود حام فبلدة طفيل التي كانت تستخدم دائماً للمماطلة في العودة، لم تُذلَّل بعد. فمجلس الوزراء أصدر في حزيران الماضي قراراً منح بموجبه وزارة الأشغال مبلغ 9 مليارات ليرة لتأهيل طريق طفيل وتعبيدها (من الأراضي اللبنانية إلى طفيل، إذ لا توجد طريق معبدة تصل إلى البلدة إلا من داخل الأراضي السورية). وجرى تلزيم العمل بالطريق، إلا أن الأعمال لم تنته بعد. كذلك إن إنجاز الأعمال، في الطريق التي تمتد على طول 28 كلم، بحاجة، بحسب تقديرات الوزارة، إلى نحو 28 مليون دولار.
مفتي بعلبك ـ الهرمل الشيخ خالد صلح، أكد لـ«الأخبار» أن سائر الترتيبات اللوجستية والأمنية باتت جاهزة لعودة الأهالي، بعد اكتمال اللوائح والكشوفات الاسمية للعائلات التي ستعود، موضحاً أنه «آن أوان عودة أبناء طفيل إلى منازلهم وأرزاقهم بعد المعاناة الطويلة في المخيمات في بلدة عرسال، بعد التنسيق مع قيادة الجيش». وعزا التأخير في العودة سابقاً إلى «أمور لوجستية من قبل الجيش، وربما الطريق وحتى تتيسر الأمور، إذ من غير المقبول إبقاء أهلنا في المخيمات مع حلول فصل الشتاء».
مختار بلدة طفيل علي الشوم، أشار من جهته لـ«الأخبار» إلى أن ما يقارب 60 عائلة لبنانية و57 عائلة سورية سلمت لوائح بأسمائها للمفتي صلح منذ أيام قليلة بعد طلبها منه، «وقد أبلغنا بتجهيز أمورنا والانتقال صباح اليوم إلى دار الإفتاء في مدينة بعلبك تمهيداً للانطلاق باتجاه طفيل. ينفي الشوم معرفته بما إذا كانت الأمور ستسير كما هو مقرر لها، مشيراً إلى أنهم أبلغوا سابقاً مواعيد للعودة، إلا أنها لم تصل إلى خواتيم سعيدة، ولأسباب دائماً كنا نجهلها رغم أن الجميع وحتى الجيش كان يؤكد أن لا مانع من العودة. وبحسب الشوم، فإن ما يقارب 100 عائلة لبنانية من أبناء طفيل سيبقون في عرسال والقرى الموجودين فيها، خصوصاً أنهم ارتبطوا بأعمال ومدارس لأولادهم بعد التأخير في العودة وعدم تحديد أفق لذلك».
أحد أبناء طفيل من الذين لن يعودوا اليوم إلى بلدتهم ناشد الدولة اللبنانية أن «تضع المناكفات والخلافات والكيديات السياسية بعيداً عن مصالحهم كمواطنين يريدون فقط العودة إلى منازلهم وأرزاقهم، والجميع يعرف أن التأخير في عودتنا ليس سوى كيدية بين حزب الله الذي دعانا للعودة وتيار المستقبل الذي أراد أن تكون عودتنا من تحت يده، شو بدنا نكذَب ع بعض». وأضاف الرجل الستيني: «لا الطريق تزفتت ولا رح نشوف دولتنا حاضرة عنا خدماتياً، ليه كانوا عم يتأخروا برجعتنا، حتى بمعاناتنا وعودتنا تتاجرون، نحنا متأكدين أنه رح نرجع نعتمد ع الدولة السورية من كافة الجهات الخدماتية من طبابة بمستوصفات عسال الورد ومدارس، وإذا مش معترفين فينا كلبنانيين خليهم يعلمونا حتى نطالب الدولة السورية بجنسية».
والجدير ذكره أن بلدة طفيل تقع في السلسلة الشرقية اللبنانية في «شبه جزيرة» داخل الأراضي السورية، والأهالي يطالبون دولتهم منذ عام 1950 بتنفيذ وعودها، بشق طريق يربطهم بوطنهم لبنان.