خطبة عصماء أطلقتها المغنية اللبنانية أمل حجازي (الصورة) عبر صفحاتها على مواقع التواصل، صادفت يوم وقفة عرفة أعلنت فيها «توبتها» وقالت فيها بما معناه أنها كانت مشتتة بين ما تقدمه، وبين الصوت الإلهي الذي كان يدعوها إلى ملكوته، إلى أن قررت في يوم مبارك أن تنال السعادة بمفهومها العميق وبطريقة تجافي الدنيوية، وتتخطّى عتبة الملموس.
تركت حجازي بخطوتها تلك أسئلة جوهرية حول نظرة بعض المغنيات إلى ما يقدمنه، وإن كان يستحق توبة ورِدّة عنه، على اعتبار أنه خطيئة تحتاج الغفران! على أيّ حال، لم يكن الأمر بحاجة سوى بضعة أيّام لتتكشّف حقيقته، وتظهر التوبة، كأنها ليست سوى حركة لجمع أكبر عدد ممكن من المعجبين، والسعي وراء تسيّد المشهد بطرق التفافية ذكية، والحجاب ليس أكثر من «نيو لوك» طالما أن المغنية التائبة لم تتخل عن كامل مكياجها المبالغ فيه، ولا عن تجميل حاجبيها، ولا حتى عن واحدة من إطلالتها المتكررة، إلى درجة أنها ما زالت تحتل أغلفة المجلات الفنية، بل زادت عليها لمسة عصرية تصلح كدعاية متقنة عن أفخم أنواع الحجابات، وأهم ماركات الأزياء المختصة بالمحجبات كأنها «موديل».


لا تزال حجازي تطل بين الحين والآخر بصورة ربما تكون أكثر غواية عما كانت عليه من قبل، وهو من دواعي السرور غالباً، لكن الكارثة بأنها تتفرغ لقصف معجبيها الذين باتوا يتزايدون بشكل ملفت، بحكم إسلامية، ومواعظ دينية، من دون أن تنسى نشر صورها إلى جانب كل حكمة، كأن تقول مثلاً على صفحتها على الفايسبوك: «توبوا إلى الله قبل فوات الأوان، وإغلاق أبواب المغفرة». الإنقلاب الجذري في حياة حجازي، يشبه إلى حد كبير التغيير المفاجئ بدون أي مبرر في شخصيات الأعمال الدرامية، وهو ما جعلنا نشكّ بصدقية المشهد، ونستهجن المسرحية الهزيلة، ونبني حاجزاً ضد القناعة بمعطيات هذا العرض! خاصة أن البروباغندا مستمرة، بل في أفضل أحوالها. الأمر لم يتوقف عند حد الصور الفاتنة والترويج لأزياء المحجبات، والمواعظ الدينية بصورتها البائدة التي تشبه طريقة الداعية عمرو خالد، بل وصل إلى إطلاقها قبل أيّام قليلة أنشودة دينية بعنوان: «رقّت عيناي شوقاً» في مناسبة عيد المولد النبوي بشراكة حسام الصعبي. النشيد الديني الذي يمتدح النبي محمد، ويروي ومضات من سيرته ونزول الرسالة عليه، يقدم سوية تقليدية عن هذا النوع من المدائحيات النبوية، لكنه يليق وينسجم مع طبقة صوت والمقدرات الغنائية عند حجازي. لكن كان من الممكن تقبّله بشكل أفضل فقط لو كانت بلا حجابها.