لم تخرج الجماهير العربية غضباً للقدس. التعبير يقتصر حتى اللحظة على وسائل التواصل الاجتماعي. في لبنان، ردود الفعل السياسية تتعامل مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب كما لو أنه شان لبناني داخلي. سريعاً، دعت المنظمات الشبابية اليسارية اللبنانية والفلسطينية، إلى المشاركة في تظاهرة أمام السفارة الأميركية في عوكر، عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الأحد المقبل. وقد نظّمت فصائل وجمعيات فلسطينية اعتصاماً في مخيم عين الحلوة مساء أمس رفضاً للقرار الأميركي.
على المستوى السياسي، ظهر ما يُشبه الإجماع على رفض ما قام به ترامب. الموقف الأبلغ في توصيف ما جرى عبّر عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال: «إننا أمام وعد بلفور جديد يمهد لصفقة العصر على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني».
وفيما أعلن حزب الله أن أمينه العام السيد حسن نصر الله سيطل عند السادسة من مساء اليوم للتعليق على الحدث، قال نائبه، الشيخ نعيم قاسم، إن موقف ترامب «يعني إنهاء حل الدولتين وعملية التسوية، كما يعني انتهاء مرحلة الحديث عن الحل السياسي». وأوضح قاسم في تصريح لقناة «الميادين» أن موقف الرئيس الأميركي المستجد «يعني أن واشنطن أعلنت صراحة ما كانت تخفيه دائماً»، مستدركاً: «يجب دعم خيار المقاومة على المستويات كافة من الآن فصاعداً»، وأكد أن حزب الله «جاهز اليوم لتقريب المسافات بين الدول وكل الحركات المستعدّة لمقاومة إسرائيل».
من جهته، رأى الرئيس السابق للجمهورية العماد إميل لحود، أن «القرار الأميركي لم يكن ممكناً لولا ارتهان وتواطؤ وهرولة بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع مع عدو الأمة العربية ومغتصب فلسطين، أي اسرائيل، ناهيك عن سعيهم الحثيث لطمس القضية المركزية فلسطين». ولفت إلى أن «الهوان بلغ ببعض العرب حدّ أن يبادر الرئيس الأميركي للاتصال بهم وبكل وقاحة لإبلاغهم عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني دون أن يبدي أي من أولئك عرب الهوان أي رفض أو استنكار أو المبادرة إلى قطع العلاقات مع أمريكا أو تقديم شكوى إلى المراجع الدولية، بل إنهم اكتفوا ببيانات القلق فيما هم أنفسهم يتشاركون تلك المؤامرة الدنيئة على فلسطين وعلى حقوق الشعب الفلسطيني».
وفيما استنكر رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل قرار ترامب، خرجت غالبية الشخصيات السياسية بمواقف رافضة للخطوة الأميركية. وفي دمشق، أعلنت الرئاسة السورية أن «مستقبل القدس لا تحدده دولة أو رئيس، بل يحدّده تاريخها وإرادة وعزم الأوفياء للقضية الفلسطينية التي ستبقى حيّة في ضمير الأمة العربية حتى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس».