في زمن السوشيال ميديا وتفريخ النجوم، ثم أفولهم بأقل من 24 ساعة، لا بد من أن تدرّس حالة نجمة الاستعراض المصرية شريهان، لفرادة ما حققته من حضور، ونجومية، وكاريزما، وسمعة صاخبة حتى رغم انكفائها حوالي 15 عاماً لأسباب قاهرة.
ما زالت الممثلة الجميلة حاضرة لدى الجمهور، تجسد المعنى الحقيقي والدقيق للنجمة الموهوبة، التي يترقبها عدد كبير بحماس ممزوج بالفضول. يترصدون أخبار عودتها الفنية، ويتلقفون جلسات التصوير التي باتت تجريها أخيراً كنوع من التمهيد للعودة المنتظرة. صاحبة «فوازير رمضان» كسرت حدود الكادر، وتمردت بخفة ظل مدهشة، على جميع القواعد المعروفة، وهدمت بركلة واحدة كل التقاليد التلفزيونية في الوطن العربي. هكذا، يمكن القول بأنها ربّت بصرياً بأسلوب مختلف لا ينقصه العبث والجنون بمعناه الإيجابي، جيل ثمانينات القرن الماضي، الذي قارب الأربعين من العمر اليوم. هذا الجيل كان يتسمّر مع من يكبره سناً أمام الشاشة ليرى اسكتشات استعراضية مشغولة بعناية، وغناء مختلفاً يترك أثره كما لا يفعل الغناء التقليدي. كل ذلك بطلته ممثلة تشبه «الجنيّة» برشاقتها وقوامها المنحوت مثل المانيكان.
يمكن أن تخرج من كل مكان، فيما تدور عيناها مثل عداد الوقت في أفلام الكرتون. «الصندوق السحري» يصبح لاسمه معنى فقط عندما يتوقف البث التقليدي المتخشّب، وتطل شيريهان على التلفزيون الرسمي المصري ثم على غالبية القنوات العربية. وعلى الرغم من ملمات القدر وتوليفته المؤلمة عند حدود هذه الموهبة الخارقة، وتعرض صاحبتها لحادث كاد أن يقعدها على كرسي متحرك طيلة حياتها، إلا أنها تماثلت للشفاء وعادت كما كانت بتصميم سهم يريد بلوغ منتصف الهدف!
لكن القدر أحكم ضربته الثانية بمرض نادر جداً جعل وزنها يصل إلى 36 قبل أن تجري عدداً من العمليات الجراحية وتنجو بشكل يقارب أعجوبة ودهشة موهبتها وحضورها. هكذا، ظلت شريهان نجمة رغم غيابها. لم تقل أخبارها الشخصية أهمية عن فنها. ذات صباح من عام 2011، تخلّت عن كامل مكياجها رغم آثار بعض العمليات الجراحية، لكنها شريهان المتسلحة بجرأة نادرة وقد أرادت أن تكون مع شباب بلدها في «ميدان التحرير».
بعدها راحت تتردد أخبار عن عودتها إلى الأضواء بعمل فني جديد، دون أن يصدر شيء أكيد، إلى أن نظمت شركة «العدل غروب» منتصف هذا العام حفلاً فنياً ضخماً أعلنت فيه عودة الممثلة الاستعراضية الشهيرة من خلال 18 عرضاً مسرحياً استعراضياً تنتجها لها، وسيتم بثها متلفزة على شاشة «دي إم سي» المصرية، ويشارك في إنجاز هذه العروض مجموعة كبيرة من أهم المؤلفين في مصر، منهم مدحت العدل، ومريم نعوم، وتامر حبيب، ومحمد أمين راضي، فيما سيتولى صياغتها بصرياً مجموعة من المخرجين المكرسين منهم: شريف عرفة، ومحمد ياسين، وطارق العريان. شركة الإنتاج وعدت أن تتعامل بهذه العروض مع أهم الموسيقيين والموزعين، لتكون عودة تليق بتاريخ وحظوة ومجد شريهان التي سبق وتقاسمت البطولات مع فؤاد المهندس وفريد شوقي وغيرهما الكثير!
قبل أيّام قليلة، نشرت النجمة الاستعراضية على حسابها على أنستغرام صوراً لها في مناسبة عيد ميلادها الـ 53 كانت تخصّ فيها صديقتها ريم العدل، فتلقفت المجلات الفنية والمواقع الإلكترونية هذه الصور وراحت تحلل إطلالتها العصرية البسيطة «الكاجول» وحجم الحفاوة التي تلقتها من متابعيها الذين اعتبروا بأنها لا تزال تنافس بإطلالتها أجمل النجمات الشابات، وتتقدم على الجميع بالموهبة ومحبة الجمهور.
تعرف مصر كيف تحتفي بنجومها وتستثمر حضورهم. لذلك هي «هوليوود الشرق» بينما تغيب الحالة ذاتها عن سوريا مثلاً، فكيف تطوع واحدة من أهم شركات الإنتاج كل إمكانياتها، وتستقطب أبرع كتابها ومخرجيها ليحرثوا الأرض أمام عودة ممثلة استعراضية بحجم وموهبة شريهان، ولا ينجز ربع ذلك مثلاً مع كوميديان كبير مثل دريد لحاّم؟! سؤال ربما يختصر الحديث عن أزمة الدراما السورية.