القاهرة ــ الأخبارسجّل تنظيم «داعش» اختراقاً أمنياً خطيراً في مصر، أول من أمس، من خلال استهدافه مطار العريش أثناء وصول وزيرَي الدفاع والداخلية (صدقي صبحي ومجدي عبد الغفار) إلى سيناء، في عملية تكتسب صفة «النوعية»، بالنظر إلى كونها استبقت أيّ تحركات للوزيرين في المدينة المضطربة، كما كان مقرراً، فأعادتهما إلى القاهرة مجدداً على عجل.

خطورة العملية لا تكمن في استهدافها وزيرَي الدفاع والداخلية فحسب، بل في كون الزيارة سرية وغير معلنة رسمياً، باستثناء بعض الإجراءات الأمنية التي غالباً ما تصاحب زيارات القادة الرفيعي المستوى، وأيضاً بسبب القلق الذي سبّبه الحادث وتداعياته، حيث تقرر فتح تحقيق رسمي في الواقعة لمعرفة ما إذا كانت هناك «خيانة» بتسريب المعلومات عن تحركات الوزيرين من عدمه، خاصة في ظل عدم معرفة هوية الزائرين قبل وصولهما لغالبية الموجودين.
وتردد، بشكل غير مؤكد حتى مساء أمس، أن الضابط الذي استشهد في الحادثة هو نفسه أحد المرافقين لوزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، وليس من «قوات التأمين»، بما يؤكد أن محاولة الاغتيال كانت قاب قوسين أو أدنى من إصابة الوزيرين، فيما تعرضت طائرة حربية كانت ترافقهما لأضرار بالغة، ما استدعى العودة إلى القاهرة برفقة طائرة أخرى غير تلك التي واكبت رحلة الوزيرين من القاهرة إلى مطار العريش الحربي.

خطورة العملية تكمن في أن الزيارة سرية وغير معلنة رسمياً


وبالرغم من أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف مطار العريش، إلا أن الاستهداف هو الأقوى منذ فترة، في ظل عدم قدرة «داعش» على تنفيذ عمليات قوية في سيناء، بعد نجاح الحصار المفروض على المناطق السكنية بشكل كبير، والتمشيط اليومي للمناطق الجبلية المختلفة، مع إحكام الحركة على الشريط الحدودي مع قطاع غزة، وعلى حركة السيارات من سيناء وإليها، عبر الكمائن المنتشرة، والطلعات الجوية التي تنفذها الطوافات عن قرب لمتابعة التحركات ليلاً، لا سيما في الظهير الصحراوي والطرق الوعرة وسط الجبال.
ولم يكشف الجيش المصري عن أيّ تفاصيل بشأن حادث الاستهداف، واكتفى بنشر مقطع فيديو مصوّر لعودة وزيري الدفاع والداخلية إلى القاهرة، واستقبالهما من قبل قادة عسكريين في قاعدة الماظة الجوية.
وأعلنت وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» مسؤولية الفرع السيناوي في التنظيم عن الحادث، مؤكدة أن عناصره استهدفوا طوافة «أباتشي» مرافقة للوزيرين بصاروخ موجّه من نوع «كورنيت» أثناء هبوطها في مطار العريش، ما أدى إلى «إحداث عطل فيها ومقتل ضابطين وإصابة اثنين آخرين على الاقل».
وكان يفترض أن تشمل زيارة الوزيرين جولة على القوات العسكرية في مناطق العريش والشيخ زويد حيث أغلقت الطرق قبل ساعات من وصولهما، فيما قطعت شبكة الاتصالات للغاية ذاتها، لكن تسارع الأحداث جعلهما يغادران سريعاً من دون الخروج من المطار. وأعلن الجيش المصري، بعد نحو 12 ساعة من الحادث، عن «مقتل 5 تكفيريين في مداهمات». محاولة الاغتيال في العريش تأتي بعد نحو ثلاثة أسابيع من تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الأركان ووزير الداخلية بالقضاء على الإرهاب في سيناء «بغضون ثلاثة أشهر»، واستعادة الأمن بشكل كامل، في وقت لا يزال الجيش فيه غير قادر على بناء مدينة رفح الجديدة بالقرب من الشريط الحدودي تخوفاً من العمليات الإرهابية التي تستهدف أيّ عمليات إنشائية في المنطقة. وهو مشروع مؤجّل منذ نحو عامين، بعد قرار إخلاء الشريط الحدودي، وإزالة المنازل في عمق نحو كيلومترين بشكل تدريجي، حيث انتقل جميع أبناء مدينة رفح للإقامة في مناطق مختلفة.
السيسي عقد أمس اجتماعاً مع وزيري الدفاع والداخلية لمناقشة الاوضاع في سيناء، وسط تأكيدات منهما على اعتزام زيارة العريش مجدداً، في القريب العاجل، للتأكد من سلامة الأوضاع واستقرارها وفرض قوات الجيش والشرطة السيطرة الكاملة على المدينة.
واستعرض السيسي خلال الاجتماع تقريراً قدّمه الوزيران، تحدثا فيه عن «نجاح القوات المصرية في القضاء على أكثر من 90 في المئة من مواقع الإرهابيين، ومحاصرة مصادر الذخيرة التي تصلهم، وتشديد الإجراءات على الطرق لمنع وصول أيّ أشخاص غرباء عن سيناء».