دمشق | يتوقف ضجيج ازدحام العاصمة السورية في حضرة سيارات إسعاف تمرّ بين الفينة والأُخرى. يتبادل سكان دمشق خلالها نظرات قلق تشير إلى عنف المعارك القريبة، الدائرة على جبهة إدارة المركبات في حرستا، شمال شرق دمشق. خبر إنقاذ حياة 30 مصاباً من عناصر الجيش داخل مبنى الإدارة، ليل أول من أمس، جلب الراحة إلى يوم دمشق المشمس. فمع ساعات الصباح الأولى كان الجيش قد فتح طريقاً إلى مباني الإدارة، وتمكن من إخلاء المصابين وإمداد عناصر الحامية بما يلزم للاستمرار.
هجومات متتالية لمسلحي «جبهة النصرة» و«فيلق الرحمن» وحلفائهما، استمرت أمس، على خطوط الجيش الدفاعية في حرستا، من دون أن تحقق أي اختراق حتى اللحظة. الجيش الذي حصّن دفاعاته في وجه المهاجمين، بما فيها مبنى إدارة المركبات، جعل من المعهد الفني رأس حربة استعداداً لهجومات مضادة، نحو مديرا وأطراف حرستا، مع استمرار تحصين محيطه. وعلى الرغم من نفي المسلحين، عبر وسائل إعلامهم، فإن الأوضاع الميدانية انقلبت ضدهم، إذ كُشف عن مصير 100 من مقاتليهم، وقعوا ما بين أسير وقتيل، سواء خلال الضربات الجوية المتواصلة أو معارك الاقتحام منذ بدء المعركة المشتعلة، مع نهاية العام الفائت.

سيعمل الجيش على
تأمين محيط الطريق
المفتوح نحو «الإدارة»
وفي المقابل نشرت صفحات موالية للجيش، قائمة بأسماء الشهداء الذين قضوا خلال المعارك، من غير توافر إحصائية دقيقة عن عددهم الفعلي. ووفق مصادر ميدانية، فإن محاولات التطويق التي يصرّ المسلحون على تنفيذها، لم تمنحهم أي تقدم جديد على جبهة المعهد الفني، إذ لم يتراجع عناصر الجيش تحت وطأة المدرعات المفخخة والانتحاريين، حيث جرى التعامل معهم قبل الوصول إلى أهدافهم. وفي الوقت نفسه تشير المصادر ذاتها إلى عدم تمكن أية آلية عسكرية للجيش السوري من الوصول إليه بعد، بسبب كثافة النار من الخطوط المعادية، التي يجري استهدافها عبر ضربات مكثفة من سلاح المدفعية. وتلفت المصادر إلى تقدم المشاة على محاور موازية، بهدف تأمين المعهد الفني وإدارة المركبات.
ولم يغب الطيران الحربي عن سماء العاصمة، حيث استهدف مراكز انطلاق الهجمات المقابلة، في محاولة لتخفيف الضغط من مراكز تجمّع المسلحين في حرستا وعربين. ومع مواصلة الجيش صدّ هجوم المسلحين وتأمين نقاط تمركزه تباعاً، تمكن من تدمير آليتين عسكريتين عائدتين إلى المسلحين في حرستا، قرب المدخل القديم لإدارة المركبات، حيث قتل أفراد طاقمهما. ويؤكد مصدر ميداني أن العملية متواصلة لتأمين محيط مبنى الأمن الجنائي والطريق الذي شُقَّ حديثاً لفك الطوق عن إدارة المركبات، بما فيها المعهد الفني. وشهدت شوارع حيَّي العجمي والحدائق اشتباكات عنيفة، الأمر الذي غيّر من ميزان المعركة إلى مصلحة الجيش، وولّد حالة من الاطمئنان إلى خطوط تماسه الحالية. وأفضت الاشتباكات إلى توسع الجيش في محيط مبنى الأمن الجنائي والسيطرة على عدد من كتل الأبنية حوله. ووفق العسكريين في المنطقة، فإن الجيش استفاد من هدوء جبهات الغوطة الغربية أخيراً، حيث تفرغت قواته لقتال «النصرة وحلفائها» في الغوطة الشرقية. ويشير الأداء العسكري في حرستا والكثافة النارية الهائلة، إلى إصرار الجيش على تأمين كامل حرستا، الخاصرة الشمالية الشرقية للمدينة، ومفتاح مدخلها، والاستفادة من تمركز القوات على أعلى مبانيها، التي تكشف تموضع مسلحي المنطقة وتقطع خطوط إمدادهم بين زملكا وعربين. ويتطلع العسكريون نحو استمرار العملية العسكرية حتى فتح الطريق الدولي، الذي يربط دمشق بالشمال، بعد سنوات من المعاناة بسبب القنص المستمر. يأتي ذلك كله بالتزامن مع هجوم مسلحي «فيلق الرحمن» على نقاط تمركز الجيش في حي جوبر المجاور، في محاولة لتشتيت دفاعات الجيش وتخفيف الضغط عن المسلحين في حرستا. كذلك سقطت قذيفتا هاون على حي باب توما، ما أدى إلى جرح امرأة، إضافة إلى أضرار مادية.