إعداد راجانا حميةقد يحدث، أحياناً، أن تشعر بأنك لم تعد قادراً على السير خطوة واحدة. بأن قدمك توقفت. هكذا ببساطة. قد لا تعرف في تلك اللحظة سبب هذا التوقف، وقد تردّ السبب لكثرة الإرهاق والتعب، من دون أن تفكّر، ولو للحظة، أن السبب هو تلك الكتلة الصغيرة في باطن القدم التي لا توليها اهتماماً في الغالب. وهي الكتلة التي يطلق عليها مسمار كعب القدم. فهل تعرف ما الذي يمكن أن تتسبّب به تلك الحالة الطبية المزعجة؟

تتعدّد التسميات التي تطلق على مسمار كعب القدم، فهناك من يطلق عليه «مسمار العقب» أو «مهماز القدم» أو «مهماز العقب»، ولكن تبقى التسمية الأكثر شيوعاً «مسمار اللحم» هي الأكثر شيوعاً، برغم أنها لا تعبّر صراحة عن تلك الحالة. فهذه الأخيرة ليست عبارة عن كتلة من اللحم، وإنما كتلة من الترسبات الكلسية الزائدة التي تنبت في تلك المنطقة، وقد تمتد حتى منتصف قوس القدم. أما لماذا سمي مسماراً؟ تقول الروايات بأن الاسم جاء للتعبير عن درجة الألم، إذ أن هذه التكلسات تصيب المصاب بألم شديد... كما لو أنّ أحداً يدقّ مسماراً في القدم، مخترقاً العظام. مع ذلك، لا يعود الألم إلى «المسمار» نفسه، كما يعتقد البعض، وإنما إلى الالتهاب المزمن في الوتر العضلي الذي يحمي باطن القدم من الإصابة بالجروح. فعندما يلتهب هذا الوتر، يحاول الجسد توسيع باطن القدم كتعويض، فينشأ المهماز أو المسمار.
كان يمكن تجنب تلك الآلام بالتنبه قليلاً إلى بعض الأمور، منها المحافظة على وزن طبيعي مثلاً أو اختيار أحذية مريحة، بما في ذلك النعل، أي أن يكون طرياً وليس صلباً، إضافة إلى التخفيف من التمارين الرياضية التي تتطلب مجهوداً. عادات بسيطة، ولكن بلا شك، تعني الكثير.

أعراض مسمار كعب القدم

لا تختلف أعراض التهاب المسمار من مصابٍ إلى آخر، إذ تبقى أعراضاً موحدة لدى الجميع، وهي:
ـ ألم حاد في القدم، خصوصاً عند الاستيقاظ من النوم والوقوف.
ـ ألم متوسط الحدة خلال اليوم في منطقة الكعب.
ـ التهاب وتورم في مقدمة القدم.

يمكن تجنب آلام مسمار
الكعب باختيار أحذية
مريحة ذات نعل طري


ـ الشعور بحرارة وسخونة في المنطقة المصابة.
ـ ظهور نتوء واضح يشبه العظام أسفل الكعب.
ـ وجود ليونة في منطقة الكعب، تجعل المشي بقدمين عاريتين أمراً صعباً.
وإذا ظهر أي من هذه الأعراض، فربما من الأجدى مراجعة طبيب مختص، خصوصاً أنه لا يمكن تشخيص الإصابة بمسمار الكعب إلا إذا تمت رؤيته عند التصوير بأشعة «إكس». مع ذلك، قد يحدث في بعض الأحيان أن لا يظهر أي من الأعراض المذكورة على المصاب، ليكتشف الشخص إصابته بمسمار الكعب مصادفة عند قيامه بتصوير قدمه بأشعة إكس لغرض آخر!

أثر التقدم في العمر

الترسبات الكلسية. هذا هو السبب الأول للإصابة بمسمار كعب القدم، وهي التي تنشأ من تراكم الكالسيوم بصورة غير طبيعية في تلك المنطقة. غير أن هذا العامل ليس السبب الوحيد لتكون الكتل الكلسية، فهناك أمور أخرى تؤدي إلى ذلك، منها تضرر العضلات والأربطة والأنسجة اللينة في منطقة الكعب وتمزق الغشاء الذي يغطي عظم الكعب والتقدم الطبيعي في العمر، فيصبح الكعب غير قادر على امتصاص الصدمات التي يتعرض لها بكفاءة.

آخر الدواء الكيّ

تأتي هذه المرحلة بعد مرحلة التشخيص، التي تعدّ أمراً ضرورياً لتبيان ما إذا كانت تلك الكتلة مسمار كعب أو لا. وإذا ما تبين أن هذه الحالة الطبية هي عبارة عن مسمار كعب، تبدأ مرحلة العلاج. وهنا، تتنوع الخيارات العلاجية ما بين العلاجات الطبيعية والعلاجات بالأدوية والجراحة. وغالباً، ما يبدأ المشوار بالعلاجات الطبيعية التي تستلزم من المصاب مثلاً الحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة والتوقف عن تعريض كعب القدم للضغط. كما ينصح هنا أيضاً بالتدليك لكونه يخفف من تقلص العضلات وتوترها، بحيث يسترجع الجسم توازنه تدريجياً، وهذا أمر مهم لأن خيوط العضلات تمتد من القدم عبر الساقين وتصل حتى الظهر. ومن طرق العلاج أيضاً الموجات الصادمة فوق الصوتية، وهي طريقة مؤلمة لكنها ناجحة في معظم الحالات.
أما طرق العلاج بالأدوية، فتشمل مثلاً العلاج بالأدوية المضادة لالتهاب الوتر العضلي. وهنا، ينصح الأطباء باستخدام أحذية ذات نعل طبي تعمل على التخفيف من آلام الوتر العضلي لأنه يسند القدم تلقائياً،
مع ذلك، قد يضطر بعض المرضى الذين يعانون من التهاب المسمار للجوء إلى تجربة عدة حلول، من دون جدوى. هنا، في هذه الحالة، تأتي مرحلة العلاج بالجراحة. وفي هذا الإطار، تعتبر هذه العملية الجراحية خطيرة، نظرا لآثارها الجانبية، إذ يمكن أن تؤدي إلى تمزق في أحد الأوتار فيزداد الألم، أو يمكن أن تختفي نتوءات الكعب مؤقتا ثم تعود. هذه الآثار هي التي تدفع الكثيرين إلى البقاء على العلاجات الطبيعية، أو في أحسن الأحوال، التأقلم مع المسمار.

* للمشاركة في صفحة «صحة» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]