في خطوة غير مسبوقة في الجامعة اللبنانية، عمّم الرئيس فؤاد أيوب على أفراد الهيئة التعليمية وأعضاء مجالس الفروع والوحدات وجوب «مراعاة الميثاقية والتنوع في اختيار المرشحين لتولّي المراكز الإدارية والأكاديمية في الجامعة». بكلام آخر، تشرّع الجامعة «الوطنية» مبدأ التوزيع الطائفي في تعييناتها الإدارية والتعليمية. التعميم ينطلق من «مراعاة ميثاق العيش المشترك ومن كون الجامعة اللبنانية هي جامعة الوطن وكل اللبنانيين من دون استثناء والمحافظة على التنوع في توزيع المسؤوليات».
خلفية التعميم كما تشرحها مصادر إدارة الجامعة هي محاولة لإعطاء فرص متساوية للجميع، خصوصاً أن الغلبة السياسية والطائفية لإحدى المجموعات في كلية ما تجعل المجموعات الأخرى تحجم عن الترشح لأي منصب في هذه الكلية. وتقول إن هذا التعميم يأخذ شكل التمني وليس الفرض بما أنه اجتهاد لا ينصّ عليه قانون المجالس التمثيلية الرقم 66، لكن خصوصية الجامعة الوطنية تفترض أن تكون الترشيحات متنوعة في الفرع الواحد وأن لا يكون هذا الفرع مطوّباً لهذا الحزب أو ذاك أو لهذه الطائفة أو تلك.
المفارقة أنّ هذا التعميم ــــ السابقة لم يسترع انتباه أساتذة الجامعة الذين صرفوا اهتمامهم في الأيام الأخيرة لمناقشة تعميم آخر يتعلق بإلزامهم التوقيع على جداول الحضور وما يمكن أن يسببه من مسّ بخصوصيتهم!
لكن تعميم أيوب الأخير يكرّس، بحسب الخبير الحقوقي نزار صاغية، «ديكتاتورية الطوائف أو النظام الطائفي الشمولي من أعلى منصب إلى أصغر منصب». صاغية يقول إنّه «إذا سلّمنا جدلاً بقبول التوازن الطائفي في المجلس النيابي ومجلس الوزراء، فإن ذلك ليس جائزاً أبداً في مؤسسة أكاديمية مهمتها تقديم التعليم الجيد وتربية الأجيال وحيث أنّ اعتبار الكفاءة يجب أن يسمو على أي اعتبار آخر». ويضيف: «مثل هذا التعميم يقضي على مقومات الدولة تحت حجة ضمان حماية الأقليات، وهذا النموذج مطبّق أيضاً في القضاء إذ تجري الإطاحة باستقلاليته وفق هذه التوتاليتارية نفسها».
هذا ليس رأي أستاذ القانون الإداري في الجامعة اللبنانية عصام اسماعيل الذي قال إن «ما تضمنه هذا التعميم من تنبيه إلى ضرورة الحفاظ على العيش المشترك هو بمثابة ترجمة لقانون الجامعة الذي حدد في مادته الأولى أنّ هدف وغاية الجامعة اللبنانية هي تأصيل القيم الإنسانية في نفوس المواطنين».
مفتاح هذا التأصيل، بحسب اسماعيل، هو حفظ الميثاقية التي تعد ركناً أساسياً في بناء الوطن، مشيراً إلى أنّ الجامعة ليست مجرد صرح تعليمي إنما صرح مكلّف ببناء النفوس على حب الوطن والقيم المشتركة بين المواطنين.