ارتفعت نسبة الإصابة بمرض السرطان في لبنان، في السنوات القليلة الماضية، من 200 حالة لكل 100 ألف مواطن إلى 300 حالة. وتُشير أرقام السجل الوطني للسرطان الذي تعدّه الوزارة (الإحصاء الأخير يعود لعام 2015)، إلى وجود 13013 إصابة جديدة (6228 ذكوراً و6762 إناثا).
مُديرة برنامج مكافحة السرطان في وزارة الصحة، الاختصاصية بأمراض الدم والأورام، فاديا الياس، حذّرت من ازدياد أعداد المُصابين في السنتين الماضيتين. وقالت لـ«الأخبار» إن أبرز أسباب ارتفاع الإصابات هو التلوث، فضلاً عن عوامل أخرى، مثل ارتفاع نسبة المدخنين، واعتماد الكثير من اللبنانيين نظاماً غذائياً غير صحي.
الدكتور إسماعيل سكرية لفت إلى وجود أنواع عدة من التلوث المُسرطن، في مقدمها التلوث الغذائي. وقال إن «اعتداءً غذائياً يمارس يومياً ضدّ اللبنانيين المحاصرين في دائرة تلوث متكاملة». وأوضح أن الغذاء المُسرطن ينقسم إلى شقين، أحدهما يتعلّق بنوعية غذاء الوجبات السريعة، والثاني يتعلق بالغذاء الملوث بسبب المياه الملوثة والتربة الملوثة، فضلاً عن الإفراط في استعمال المبيدات الكيماوية السامة والخطرة في المزروعات.
وكانت دراسة ميدانية لعدد من طلاب كلية الصحة في الجامعة اللبنانية عام 2002، قد أظهرت أن اللبنانيين يتناولون مادة النيترات (nitrate) بكميات مضاعفة عن تلك المسموح بها، «بسبب تسرب هذه المادة من الهواء إلى التربة والمياه الجوفية» وفق سكرية، لافتاً إلى «حتمية تضاعف هذه النسب مع ارتفاع أعداد الكسارات».
وفي 2015، خلصت دراسة بحثية أعدتها الجامعة الأميركية في بيروت إلى تضاعف مادة «الديوكسين» المُسرطنة في الهواء 416 مرة مقارنة بنتائج دراسة أجريت عام 2014 في إحدى المناطق الصناعية، بسبب انتشار ممارسة الحرق الدوري للنفايات عقب اندلاع أزمة النفايات في ذلك العام. وقال معدّو التقرير إن نسبة احتمال الإصابة بالسرطان كانت، قبل أزمة النفايات، بمعدّل شخص بالغ و4 أطفال من أصل مليون نسمة، قبل أن ترتفع هذه النسب إلى 34 بالغاً و176 طفلاً من كل مليون نسمة في المناطق السكنية المكتظة التي تشهد حرقاً لأكوام النفايات.

تحدّيات أخرى

تضاعفت نسبة الديوكسين المسرطن في الهواء 416 مرة أواخر عام 2015


وثمة تحديات أخرى يواجهها لبنان على صعيد مكافحة مرض السرطان، أهمها تلك المتعلقة بالكلفة الباهظة للعلاج عموماً وللأدوية خصوصاً. ففي عام 2017، بحسب الياس، كان عدد المرضى الذين يتلقّون العلاج على نفقة وزارة الصحة 6 آلاف. ودفعت الوزارة نحو 53 مليون دولار كلفة الأدوية التي تقدّمها مجاناً. وفيما تقول الياس إن هذه مشكلة عالمية، لأن هناك أدوية جديدة يصل سعر الجرعة الواحدة منها إلى ما بين 10 و11 ألف دولار، يلفت سكرية إلى تحدي توفير الدواء بنحو مستمر، في ظل النقص الدوري الذي يشهده مركز توزيع الأدوية في الكرنتينا. ويشير إلى أن أغلب الأطباء يشكون النقص المستمر في الأدوية، وبالتالي تقديم بروتوكولات السرطان ناقصة للمريض. وقد أطلقت الوزارة أول من أمس البروتوكولات الطبية للأمراض السرطانية، سعياً منها إلى ترشيد الإنفاق وتغطية أكبر قدر من احتياجات المرضى، وفق ما صرّح به وزير الصحة غسان حاصباني. وأكّدت الياس أن الوزارة تمكنت أخيراً من خفض كلفة بعض الأدوية بنسبة تراوح بين 30% و40%.

إصابة 433 طفلاً

عام 2015، سُجّلت إصابة 433 طفلاً بالمرض، 126 منهم يعانون من سرطان الدم، وهي النسبة الأعلى من الإصابات، تليها الإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية وجهاز المناعة (86 طفلاً)، فأورام الدماغ والجهاز العصبي والحبل الشوكي (45 طفلاً). 31.2% من هؤلاء الأطفال تراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً. وتبلغ نسبة الأطفال الذين ترواح أعمارهم بين 0 و4 سنوات 27%، وبين 5 و9 أعوام 23.1%، وبين 10 و14 عاماً 18.7%.
وتُظهر الأرقام أنّ من بين 6762 مُصابة بالسرطان، هناك 2472 (36.6%) مُصابة بسرطان الثدي، وهي النسبة الأعلى، تليها الإصابة بسرطان الرئة (399 بنسبة 5.9%)، فسرطان القولون (364 بنسبة 5.9%).
ومن بين 6228 مُصاباً، هناك 912 مصاباً بسرطان البروستات (14.6%)، فسرطان الرئة (813 بنسبة 13.1%)، ثم سرطان المثانة (612 بنسبة 9.8%).





أكثر من تريليون دولار العلاج... والفقراء الأكثر تضرراً

70% من الوفيات الناجمة عن السرطان تحصل في البلدان المُنخفضة والمتوسطة الدخل. وتشير مُنظمة الصحة العالمية إلى أن بلداً واحداً فقط من كل خمسة بلدان منخفضة الدخل يملك ما يلزم من بيانات لدفع عجلة رسم سياسات مكافحة السرطان. ولفتت إلى أن أثر السرطان في الاقتصاد العالمي كبير وآخذ في الارتفاع، مُشيرة إلى أن تقديرات إجمالي التكاليف الاقتصادية السنوية التي أُنفقت عام 2010 بلغت نحو 1.16 تريليون دولار.






ازدياد حالات السرطان 70% في العقدين المقبلين

بحسب مُنظّمة الصحة العالمية، يُعدّ السرطان ثاني سبب رئيسي للوفاة في العالم، وقد سبّب وفاة 8,8 ملايين شخص عام 2015، بمعدل واحدة من بين كل 6 وفيات. وتوقّعت أن يزيد عدد الحالات الجديدة بنسبة 70% في العقدين المُقبلين. ويحدث ثلث الوفيات تقريباً بسبب عوامل الخطر السلوكية والغذائية التالية: ارتفاع نسب كتلة الجسم، وعدم تناول الفواكه والخضر بنحو كافٍ، وقلّة النشاط البدني، وتعاطي التبغ والكحول. ويُشكّل العامل الأخير أهم عوامل الخطر المرتبطة بالسرطان، وهو المسؤول عن نحو 22% من وفيات السرطان.