في الفترة المقبلة، سيعمد أصحاب مشروع «إيدن باي»على شاطئ الرملة البيضاء في بيروت، إلى ردم مساحة كبيرة من الشاطئ الرملي المُمتد على طول الواجهة البحرية المقابلة لمبنى المشروع. هذا ما تُظهره الخرائط الجديدة المودعة لدى نقابة المُهندسين في بيروت.
وتُفيد معلومات «الأخبار» بأن «الشركة العقارية والسياحية إيدن روك»، ستسعى في مراحل استكمال بناء المشروع الذي «نما» بسرعة قياسية على الشاطئ ــــ رغم الاعتراضات الكثيرة التي رافقته ــــ إلى تأمين الوصول إلى البحر من الطبقة السُفلية الثانية من المبنى عبر ردم الشاطئ الرملي الذي يتعدّى حدود عقارها. وهو ما يُثبته وجود الدرج المُتجه نزولاً نحو الشاطئ والمُشيّد من الطبقة السفلية الثانية باتجاه «الفراغ». ويوضح أحد المهندسين المُطّلعين على الخرائط أنه سيتم ردم المسافة الرملية التي تفصل الدرج المبني والشاطئ الرملي لتأمين الوصول الى الشاطئ مباشرة من المبنى.
قانونياً، لا يحقّ للشركة أن تردم متراً واحداً من الشاطئ الرملي المُصنّف أملاكاً عمومية بحرية، وخصوصاً أن الشركة غير حائزة مرسوماً استثنائياً يقضي بغير ذلك. إضافة الى أن رخصة البناء التي تملكها الشركة، والممنوحة لها من قبل محافظ مدينة بيروت القاضي زياد شبيب بتاريخ 6/9/2016، لم تُجز لها إجراء أي تعديلات خارج حدود العقار.

لا يحقّ للشركة أن تردم متراً واحداً من الشاطئ المُصنّف أملاكاً عمومية بحرية


وتقول مصادر في نقابة المهندسين في بيروت إنّ الخرائط التي أودعتها الشركة لدى النقابة غير مُطابقة للرُخصة، وإنّ نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت سجّل أخيراً رُخصة المشروع. لكنه راسل بلدية بيروت وأخبرها بأن المشروع يتضمن مخالفات عدة، آخرها عزم الشركة على ردم الشاطئ خلافاً للرخصة، إلا أن ردّ البلدية كان بأن «دورها يقتصر على الأعمال الواقعة ضمن حدود العقار ولا علاقة لها بالأعمال التي تجري خارجه»، وفق ما تنقل المصادر نفسها.
وللتذكير، فإنّ الرخصة الممنوحة للشركة أساساً تخالف بدورها المعطيات الموجودة على الأرض، وفق ما يُظهره التقرير الميداني الذي أعدّه تابت في حزيران الماضي، بناء على تكليف وزير الدولة لمكافحة شؤون الفساد نقولا تويني. إذ إنّ مستوى الأرض الطبيعية التي على أساسها يُحدّد ارتفاع البناء الموجود في الرخصة مغاير تماماً لأرض الواقع. بمعنى آخر، «تحايلت» الرخصة على طبيعة الأرض وحدّدت المستوى بشكل يحفظ لأصحاب المشروع الحق في ارتفاع البناء أكثر.
وكان شبيب قد أصدر في أيلول 2016 قراراً قضى بتحرير العقارات التابعة لـ«الشركة العقارية السياحية إيدن روك ش.م.ل.» (3689 ــ 3690 ــ 3691 ــ 3692)، التي تُشكل جزءاً من الشاطئ الرملي في الرملة البيضاء، لبناء منتجع «إيدن باي ريزورت» السياحي، وهو بناء مؤلف من ست طبقات وطبقتين سُفليتين، بحجة أن هذه العقارات «خاصة وأنّ طبيعتها كانت صخرية قبل أن تحط الرمول عليها». حينها، اقترن قرار شبيب بتوقيع مالكي العقارات الأربعة تعهداً بعدم بناء أعلى من متر واحد فوق سطح الأرض في العقارين 3691 و3692 (أي ما يسمح به للطبقات السفلية)، فيبقى البناء فوق سطح الأرض محصوراً في الجزء الشمالي للعقار. وتُعلّق المصادر على هذا الواقع بالقول: «لا الرخصة مُطابقة للمعطيات الواقعية، ولا خرائط بناء المشروع مُطابقة للرخصة».

تقرير المخالفات في رئاسة الجمهورية

في حزيران الفائت، وبإيعاز من رئاسة الجمهورية، كلّف وزير الدولة لمكافحة شؤون الفساد نقولا تويني نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت إعداد تقرير ميداني مُفصّل حول المشروع. وخلُص تابت الى أن الشركة المُستثمرة بنت أكثر من 5 آلاف متر مربع إضافية بصورة مخالفة (ضعفي مساحة البناء القانونية المسموحة في المنطقة). وضمّن تقريره ثلاثة عناوين رئيسية حول المخالفات المُرتكبة: عدم قانونية البناء على العقار 389، عدم قانونية المشروع المُرخّص على العقار نفسه، المخالفات المرتكبة بعد الاستحصال على الرخصة والمباشرة بتنفيذ المشروع.
ورغم أن التقرير فصّل «النقاط القانونية والهندسية التي تُبيّن المخالفات الأساسية التي تعتري المشروع، والتي من شأنها حثّ السلطات المعنية على إيقافه فوراً حفاظاً على المصلحة العامة وعلى هيبة الدولة»، بحسب ما ورد في التقرير، إلّأ أن رئاسة الجمهورية لم تردّ على التقرير ولم تقم بأي خطوة حتى الآن، رغم مُضيّ نحو ستة أشهر.
تويني قال لـ«الأخبار» إن الدراسة نُشرت وتسلمها القصر الجمهوري الذي يتابع الملف مع بلدية بيروت ومحافظ المدينة زياد شبيب، لافتاً الى أن رئاسة القصر لم تُرسل أي رأي حتى الآن.




إزالة صخور؟

بتاريخ 13 الشهر الماضي، رصدت كاميرات بعض الناشطين وجود عدد من الرافعات تقوم برفع صخور عن الشاطئ الصخري المُجاور للعقار المملوك من الشركة. حينها، أُخبر الناشطون بأن المعدات الموجودة على الشاطئ غير تابعة لبلدية بيروت، وفق ما أفاد أحد المهندسين العاملين في البلدية، ما عزّز فرضية إقدام الشركة بنفسها على نقل الصخور وجرف الشاطئ، علما بأن تغيير معلم الشاطئ مخالف للقانون ويستدعي من القيّمين والمعنيين اتخاذ تدابير مُشدّدة. لم تتحرّك بلدية بيروت عقب هذه الحادثة، تماماً كما لم تتحرّك لمراقبة آلية تنفيذ المشروع الذي شُيّد في ظلّ وجود قرارات قضائية ألزمت أصحابه بتوقيف الأعمال، قبل أن يتراجع مجلس شورى الدولة بتاريخ 11 نيسان الماضي عن قرار توقيف الأعمال من دون أن يُعلّل قراره. ( http://www.al-akhbar.com/node/275685)