صدر بيان عن «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية» السبت الماضي (3 شباط) يتضمن مقرراتها التي جاءت على صورة مطالبات لحكومة «الوفاق الوطني» وللسلطة، وهو الأسلوب نفسه الذي اتبعه «المجلس المركزي» مع اللجنة عينها سابقاً. أهم تلك المطالبات «البدء فوراً بإعداد خطط فك الارتباط مع الاحتلال الإسرائيلي على المستويات» كافة، إضافة إلى «تشكيل لجنة عليا لتنفيذ قرارات المركزي، بما فيها تعليق الاعتراف بإسرائيل...
وضرورة تحرير سجلي السكان والأراضي من سيطرة السلطات الإسرائيلية، ومد ولاية القضاء والمحاكم الفلسطينيين على جميع المقيمين» في مناطق السلطة، وليس أخيراً «التقدم من المحكمة الجنائية الدولية بطلب إحالة لفتح تحقيق قضائي» في عدة قضايا.
في هذا الإطار، حصلت «الأخبار» على نسخة من محضر اجتماع «التنفيذية»، يتطابق فيها بعض المقررات المعلنة مع ما نوقش، لكن فحوى الحوار يحمل «يأساً» خالصاً من النجاح في مواجهة الضغوط الأميركية في ظل «التخلي العربي»، فيما تتشدد السلطة أكثر مع قطاع غزة!
تغيّب عن الاجتماع كلٌّ من حنان عشراوي وأسعد عبد الرحمن وعبد الرحيم ملوح، من أصل 12 عضواً، تقلص عددهم إلى 11 بعد وفاة غسان الشكعة قبل نحو أسبوع. خلال الجلسة، قال رئيس السلطة، محمود عباس، وهو رئيس اللجنة في الوقت نفسه، إنه يقترح تشكيل لجنة قانونية لدراسة وضع «المجلس الوطني» ليشمل الفصائل كافة، موضحاً أن القرار برفض التخاطب مع الولايات المتحدة لا يزال قائماً، وأنه أوعز إلى رئيس الحكومة، رامي الحمدالله، برفض مقابلة المبعوث الأميركي لعملية التسوية، جيسون غرينبلات، خلال الاجتماع الأخير للدول المانحة في بروكسل.
عباس شرح أنه مع ذلك لا يستطيع منع واشنطن من أن تكون جزءاً من «آلية دولية للسلام»، خاصة أن نتائج جولاته بعد قرار الرئيس دونالد ترامب بشأن القدس المحتلة لم تخلص إلى نتيجة، مضيفاً: «فشلنا في عقد قمة عربية، والأحسن أنهم ما اجتمعوا، سواء من يريد الحضور ومن لا يريد... حضر الملك (الأردني) عبد الله القمة الإسلامية باسم القمة العربية، ثم قمة الأزهر حضرها 86 دولة إسلامية، وأنا الآن أمام زيارة لروسيا، وبعدها سأذهب لإلقاء كلمة في مجلس الأمن ربما سيعمل الأمريكان على تعطيلها». وتابع: «في كل الأحوال، لن ألتقي أي أميركي (في نيويورك)، وصفقة القرن مرفوضة مهما كان نوعها، وليُعِنّا الله أن نبقى صامدين».

عملياً لم تتّخذ اللجنة
أيّ قرار ورفعت مجرد
توصيات إلى الحكومة

عند ذلك، تدخل عضو اللجنة واصل أبو يوسف (عن «جبهة التحرير الفلسطينية») ليذكر أن هناك «قرارات يمكن أن تنفذ دون انتظار اللجنة (القانونية)، منها الإحالة على الجنائية الدولية والانضمام إلى المنظمات الدولية»، فردّ عباس: «وين المقاومة الشعبية يا واصل؟ كم واحد خرج على الحاجز؟ أقول لك: أنا ضد هذا الموضوع، (مقاومة) سلمية وغير سلمية، فتح والفصائل ما بدي منهم كلام ويبيضوا علينا».
بعد ذلك، تدخل تيسير خالد (عن «الجبهة الديموقراطية») قائلاً إن خطاب رئيس السلطة في إسطنبول كان مرحّباً به، خاصة أن الأخير أكد أنه سينتقل من الأقوال إلى الأفعال، «(بينما) القواسم المشتركة ليس المطلوب أن نحيلها على لجان، (بل) بحاجة إلى التنفيذ... كوقف التنسيق الأمني، وقرارات بخصوص رموز سيادية مثل سجل السكان»، لكن «أبو مازن» قاطعه: «لا تفرض رأيك عليّ»، ليرد خالد بالقول: «لا يعتبر رأيي فرض موقف عليك، ولا يجوز مقاطعتي بهذا الشكل (أبو مازن: مش صحيح)، الخطاب في مجلس الأمن خطوة جيدة، وبخصوص المجلس الوطني المطلوب انتخاب لجنة تنفيذية جديدة عبر الوطني»، ليعقب عباس: «ادرسوا الموضوع، مجلس وطني عادي أو لجنة قانونية تقدم توصيات لعلاج موضوع التنفيذية التي سنصحو عليها ولم يبقَ من أعضائها أحد».
عند هذه النقطة عقّب صالح رأفت (عن حزب «فدا») بالقول إنه بعد وفاة الشكعة «عددنا اليوم 11 في التنفيذية، والنصاب متوافر»، لكن واصل أبو يوسف قال: «النصاب 12... (لننتقل إلى) موضوع المصالحة على جدول أعمالنا». هنا قال عباس: «وأنتم هون ما فيش مصالحة ولن تحصل، ما دام الكل جالساً بلا حركة، و(دون) مقاومة شعبية سلمية، لا أحد يتحرك في الميدان، وانتو وفتح نازلين تخطبوا عليّ». لكنّ رأفت قال إنه كان في مطلع شباط (الجاري) «قرار بمتابعة المصالحة... المطلوب عقد اجتماع لجميع القوى في غزة أو القاهرة، وفي بروكسل قالوا لكم يجب أن تتسلّم حكومة التوافق الوضع في غزة».
وبينما قال عباس إنه طلب لقاءً مع الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي»، رمضان شلح، أفاد بأن الأخير اعتذر «بسبب مرضه»، شارحاً أن قرار السلطة بجباية الضرائب من غزة وتحصيل رسوم الكهرباء كان هدفه جمع أموال، لكن ذلك لم يتم. هنا تدخل محمود إسماعيل (عن «جبهة التحرير العربية») وطلب التركيز على «قرار المركزي عقد المجلس الوطني الحالي فوراً وتشكيل التنفيذية، ثم الإعداد لمجلس وطني جديد وتمكين التوافق في غزة». لكن أحمد مجدلاني (عن «جبهة النضال الشعبي») اتهم «حماس» بأنها لا تريد المصالحة، وقد تحجّجت بقضية «المركزي» و«الوطني».
فقال أبو مازن: «مصر لم تعد داخلة في المصالحة. وفي القاهرة، عند زيارتي للمشاركة في مؤتمر الأزهر، التقيت الرئيس والمخابرات، ولم أشعر بأن عندهم رد فعل حين تناولت المصالحة... في جولاتنا كسبنا العالم لكن العرب ليسوا معنا، ما بسترجوش خاصة قرار 1980 بمقاطعة من ينقل سفارته إلى القدس». وعقّب عزام الأحمد على ذلك بالقول: «بخصوص اللقاء في بروكسل، قال الممثل المصري إن الوضع في غزة واستمرار الانقسام يخلقان بيئة للإرهاب ويضران مصالح مصر إسرائيل، وإن السيسي متمسّك ومصرّ على المصالحة، (لكن) حماس لم تلتزم الجباية»، داعياً إلى عقد «مجلس وطني طارئ بمن حضر أو دورة عادية للمجلس القائم».
أما القضية الأخيرة التي نوقشت، فتتعلق بالحراك الدبلوماسي، إذ شرح أمين سر اللجنة، صائب عريقات، أن «مرحلة جديدة بدأت بقرار لجنة مبادرة السلام العربية من الوزراء تبنّي الموقف الفلسطيني كاملاً، ومنه رفض لقاء الأميركيين»، ليتدخل عزام ويقول: «سلوفينيا ستعترف بالدولة (الفلسطينية)، ومش صحيح ما يقوله الإعلام (عن) أنها تراجعت»، فقاطعه عباس: «ما خلص يا أخي، خ... عليك وعلى سلوفينيا، خلي صائب يكمل»، فتابع عريقات: «قررنا تشكيل لجنة، أربعة من التنفيذية و3 مركزية و2 من الحكومة و2 من الرئاسة، لتقديم التوصيات بعد العودة (عودة رئيس السلطة) من مجلس الأمن».




الحمدالله: لا أصدق الأميركيين... والأوروبيون سيزيدون دعم «الأونروا»

خلال جلسة «اللجنة التنفيذية»، تحدث رئيس الوزراء رامي الحمدالله، بطلب من محمود عباس، عن ملخص ما حدث في بروكسل، قائلاً: «حضر الاجتماع للدول المانحة 27 دولة، أكد المتحدثون حل الدولتين، لكن إسرائيل وأمريكا لا تغيير في موقفهم. (فيديريكا) موغيريني قالت بخصوص الاعتراف (بالدولة الفلسطينية) سنترك لكل دولة (أوروبية) أن تقرر وحدها مسألة الاعتراف لأنه يصعب الاعتراف الجماعي من الاتحاد الأوروبي، وأكدت أن الدعم سيستمر، وأنه في آذار (المقبل) سيعقد (لقاء فيديو) كونفرنس لمشاريع الضفة وغزة والقدس. هناك مشاريع لتحلية المياه في غزة وكذلك توفير الغاز لها».
وأضاف الحمدالله عن موضوع التقليص الأميركي للمساعدات المالية المقدمة إلى «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا)، أن «بلجيكا والنرويج أعلنوا تبكير دفعاتهم، وهناك زيادة في تمويل النرويج لموازنة الأونروا، (لكن) موغيريني قالت إن أوروبا لن تكون بديلاً عن الولايات المتحدة». (أما) عن مبعوث ترامب جيسون غرينبلات (المفترض أنه لم يلتقيه)، فنقل عنه الحمدالله قوله إن «غرينبلات ملتزم العمل معاً، وإنهم بصدد بلورة رؤية شجاعة وتغيير كبي، وإن قرار ترامب لا يقرر الحل النهائي في القدس، وضروري (إحداث) تغيير جوهري في عملية السلام، وإنهم مع الأمن والرخاء وتحسين المعابر وحل جميع الأمور عبر الحوار، لكنني لا أصدقهم (الأميركيين)».
أما عضو «التنفيذية» ورئيس «دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير»، زكريا الأغا، فحصر مداخلته خلال الجلسة في قضية «الأونروا»، قائلاً: «طلبنا عقد اجتماع للجنة الاستشارية للأونروا، وتم فيه رفض قرار ترامب ودراسة تبكير دفع الاشتراكات، وهناك استجابة من بلجيكا والسويد، وهناك مطالبة لدول المنطقة للمساهمة الفعالة في الموازنة. بلغ العجز 257 مليون، وجرى اجتماع في الجامعة العربية للدول المشرفة وطلبنا من العرب تنفيذ قرار سابق بالالتزام بتغطية 7.8% من الموازنة (لكن) لم يتجاوز الالتزام 3%. الوضع في غزة صعب وأريد شكر رئيس الوزراء على متابعته الأمر».
(الأخبار)