لم يحتج المجتمعون في المجلس الوطني لـ«التيار الوطني الحرّ» أمس إلى أكثر من قرابة نصف ساعة، حتى يوافقوا على إقرار التعديلات على النظام الداخلي للحزب بأكثرية الثلثين، وهي: إلغاء الانتخابات في الهيئات المحلية وهيئات الأقضية، ليُصبح الأعضاء مُعيّنين من قِبَل رئيس الحزب الوزير جبران باسيل؛ إقالة أي عضو من مسؤوليته في الهيئات المحلية يتم بقرار من رئيس «التيار» بناءً على توصية من هيئة القضاء أو بقرار من مجلس التحكيم، أما في هيئات الأقضية فيُقال أي عضو من مسؤوليته، وذلك بقرار من الرئيس بناءً على توصية من نائب الرئيس للشؤون الإدارية وبقرار من مجلس التحكيم؛
تعديل هيكلية مجلس القضاء عبر إضافة مسؤول الخدمات في هيئة القضاء إلى أعضاء المجلس، وخمسة أعضاء تنتخبهم الهيئة العامة الحزبية في القضاء (كانوا أربعة)، وتعزيز مهمات مجلس القضاء؛ يحل أعضاء مجالس الأقضية محل منسّقي الأقضية في المجلس الوطني؛ تعديل مهمات رئيس الحزب وصلاحياته، فيُصبح من حقّه تعيين منسّقي وأعضاء هيئات الأقضية؛ وإعطاء الحقّ لرئيس الحزب بتأجيل الانتخابات الداخلية، لما بعد إجراء الانتخابات النيابية في 6 أيار ولفترة لا تتخطى نهاية شهر تشرين الأول 2018، على أن تُعتبر كافة الهيئات المحلية وهيئات الأقضية بحكم المستقيلة اعتباراً من تاريخه، ويحق للرئيس تعيين من يراه مناسباً في أي مركز من الهيئات المذكورة بحسب ما تتطلبه عملية تحويل الهيئات إلى ماكينات انتخابية.

اقترح البعض الإبقاء على انتخاب مُنسقي الأقضية ونوابهم وأمناء السرّ وفق القانون الأكثري



تقول مصادر شاركت في اجتماع الأمس، الذي تأخّر عقده إلى ما بعد السادسة مساءً (كان مُحدداً أن يُعقد في تلك الساعة)، أنّ النقاش بشأن القرارات الخمسة المعدلة «كان قد تمّ بشكل مستفيض قبل قرابة الشهر، في الاجتماع العام الذي عُقد برئاسة باسيل». لذلك، لم يكن متوقعاً أن تشهد جلسة أمس أي مفاجآت لناحية إسقاط التعديلات التي من شأنها أن تضرب منطق «الديمقراطية»، والانتخابات وفق النظام النسبي، التي تغنّى بها «التيار الوطني الحرّ» سابقاً. النقاش الذي دار في اجتماع المجلس الوطني كان «حول شرح مفهوم السلطة التنفيذية (المُتمثلة في الحزب بالهيئات المحلية وهيئات الأقضية) بأنّها تكون إجمالاً مُعينة حتّى يتمكن الرئيس من تنفيذ سياسته، في حين أنّ السلطة التشريعية (مجالس الأقضية) تكون مُنتخبة. كيف يُقال إنّ باسيل يريد فرض سيطرته على الحزب، في وقت لم تُلغ فيه الانتخابات في مجالس الأقضية وعزّز صلاحياتها». تقسيم السلطات والمهمات بهذه الطريقة، يُساعد بحسب المصادر، «على إيجاد توازن أفضل للحُكم، وتفعيل العمل بشكل أفضل. هذه هي أحسن صيغة توصلنا إليها، ولا شيء يمنع بعد تجربة التعديلات الجديدة لفترة مُعينة، من إدخال تعيينات إضافية على النظام الداخلي».
بعد شرح التعديلات المُقترحة لكلّ واحد من القرارات الخمسة، قدّم عددٌ من الحاضرين اقتراحاتهم. قسمٌ رأى أنّه «يجب أن يكون هناك لمنسقي الأقضية دورٌ أكبر، وطُرحت إمكانية أن تُطرح الثقة في هيئات الأقضية من أجل أن يكون هناك رقابة فعّالة على عملها. واقتُرح أيضاً الإبقاء على انتخاب مُنسقي الأقضية ونوابهم وأمناء السرّ وفق القانون الأكثري، على أن يختار هؤلاء الأعضاء في هيئاتهم». ولكن في النتيجة، صدّق المجلس الأعلى على القرارات المُقدّمة من دون أي تعديل فيها.
تستبعد المصادر أن يكون لهذه الخطوة انعكاس سلبي على القواعد العونية، ولا سيّما أنّ التعديلات تُطرح قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات النيابية، «فقد اقتنع الجميع برأي باسيل أنّه يجب أن تكون السلطات التنفيذية في الأقضية مواكبة لرئيس الحزب وتُنفذ سياسته، لذلك الأفضل اللجوء إلى التعيين وليس الانتخاب».